والمطابقة فصل ثالث يمكن أن يمال بها إلى قبح وأن يمال بها إلى حسن، فكأنها محاكاة معدة، مثل من شبه شوق النفس الفضبية بوثب الأسد، فان هذه مطابقة يمكن أن يمال إلى الجانبين: فيقال توثب الأسد الظالم، أو توثب الأسد المقدام فالأول يكون مهيئا نحو الذم، والثانى يكون مهيئا نحو المدح. فالمطابقة تستحيل إلى تحسين وتقبيح بتضمن شىء زائد، وهذا نمط أوميرس. فأما إذا تركت على حالها ومثالها، كانت مطابقة فقط. وكل هذه المحاكيات الثلاث إنما هى على الوجوه الثلاثة المذكورة سالفا. فكان بعض الشعراء اليونانيين يشبهون فقط، وبعضهم كاوميرس يحاكى الفضائل فى أكثر الأمر فقط، وبعضهم يحاكى كليهما: أعنى الفضائل والقبائح.
ثم ذكر عادات كانت لهم فى ذلك.
فهذه هى فصول المحاكاة، ومن جهة ما يقصد بالمحاكاة: وأما المحاكيات فثلاثة: تشبيه، واستعارة، وتركيب. وأما الأغراض فثلاثة: تحسين، وتقبيح ومطابقة.
فصل فى الاخبار عن كيفية ابتداء نشأ الشعر وأصنافه
إن السبب المولد للشعر فى قوة الانسان، شيئان: أحدهما الالتذاذ بالمحاكاة واستعمالها منذ الصبا، وبها يفارقون الحيوانات العجم من جهة أن الانسان أقوى على المحاكاة من سائر الحيوانات، فان بعضها لا محاكاة فيه أصلا، وبعضها فيه محاكاة يسيرة: إما بالنغم كالببغاء، وإما بالشمائل كالقرد.
صفحه ۱۷۱