لنعد الآن قوى النفس عدا على سبيل الوضع ثم لنشتغل بيان حال كل قوة، فنقول القوى النفسانية تنقسم بالقسمة الأولى أقساما ثلاثة، أحدها النفس النباتية، وهى الكمال الأول لجسم طبيعى آلى من جهة ما يتولد وينمى ويغتذى، والغذاء جسم من شأنه أن يتشبه بطبيعة الجسم الذى قيل إنه غذاءه فيزيد فيه مقدار ما يتحلل أو أكثر أو أقل، والثانى النفس الحيوانية وهى الكمال الأول لجسم طبيعى آلى من جهة ما يدرك الجزيئات ويتحرك بالإرادة، والثالث النفس الإنسانية وهى الكمال الأول لجسم طبيعى آلى من جهة ما ينسب إليه أنه يفعل الأفاعيل الكائنة بالاختيار الفكرى والاستنباط بالرأى ومن جهة ما يدرك الأمور الكلية، ولو لا العادة لكان الأحسن أن يجعل كل أول شرطا مذكورا فى رسم الثانى إن اردنا أن نرسم النفس لا القوة النفسانية التى للنفس بحسب ذلك الفعل، فإن الكمال مأخوذ فى حد النفس لا فى حد قوة النفس، وأنت ستعلم الفرق بين النفس الحيوانية وبين قوة الإدراك والتحريك، وبين النفس الناطقة وبين القوة على الأمور المذكورة من التمييز وغيره، فإن أردت الاستقصاء فالصواب أن تجعل النباتية جنسا للحيوانية والحيوانية جنسا للانسانية وتأخذ الأعم فى حد الأخص، ولكنك إذا التفت إلى الأنفس من حيث القوى الخاصة لها فى حيوانيتها وإنسانيتها فربما قنعت بما ذكرناه،
صفحه ۴۰