فكانت الحدود، ولا محالة، محدودة بين أطراف. فإذا أخدنا بين الأجرام بعدا أكثر من البعد الذى بين أجزاء النار مثلا وجب أن يحدث نوع آخر من التأليف خارجا عن تأليف الأربعة. وليس لازدياد حدود الأبعاد حد ونهاية، اللهم إلا أن يجعلوا لبعض الأربعة حدا فى التخلخل. غير متناه، حتى إذا كانت أجزاء أربعة يكون منها الصنوبرية النارية، وواحد منها بالحجاز والآخر بالعراق والباقيان على مثل ذلك من بعد، ما كان من الجملة نار واحدة.
والعجب العجيب تجويزهم أن يكون جسم واحد من أجزاء متباعدة متفرقة فى الخلاء ولو ببعد قريب. فإن الافتراق إذا حصل لم تحصل منه نار واحدة ولا أرض واحدة إلا فى غلط الحس. وإذا لم تكن نار واحدة موجودة لم تكن نيران كثيرة بالفعل. فما معنى تأليف النار والهواء من تلك الأجزاء، والصورة هذه الصورة؟
ثم لو اضطر أجزاء المؤلف من أربع قواعد مثلثات، حتى اجتمعت وتلاقت، لم يخل إما أن تبقى النارية، فتكون النارية ليس التخلخل بالخلاء شرطا فى وجودها، أو تبطل، فيكون تأليف موجود، وليس عنصر أولى به من عنصر. وقد منعوه وبئس ما عملوا؛ إذ كانت هذه الأجرام بأفرادها لا كيفية لها عندهم، وتحدث كيفيتها بالاجتماع. وكان يجب أن يكون تأكيد الاجتماع أعمل فى تظاهرها على حدوث الكيفية منها.
صفحه ۱۱۸