مضافة لذاته. فإن نفس هذا الكون مضاف بذاته ليس يحتاج إلى إضافة أخرى يصير بها مضافا، بل هو لذاته ماهية معقولة بالقياس إلى الموضوع، أي هو بحيث إذا عقلت ماهيته كانت محتاجة إلى أن يحضر في الذهن شيئا آخر يعقل هذا بالقياس إليه. بل إذا أخذ هذا مضافا في الأعيان فهو موجود مع شيء آخر لذاته لا لمعية أخرى تتبعه، بل نفسه نفس المع أو المعية المخصصة بنوع تلك الإضافة. فإذا عقل احتيج إلى أن يعقل مع احضار شيء آخر، كما كانت ماهية الأبوة من حيث هي أبوة، فذاتها مضافة بذاتها لا بإضافة أخرى رابطة، وللعقل أن يخترع أمرا بينها كأنه معية خارجة منهما لا يضطر إليه نفس التصور، بل اعتبار آخر من الاعتبارات اللاحقة التي يفصلها العقل. فإن العقل قد يقرن أشياء بأشياء لأنواع من الاعتبارات لا للضرورة، فأما في نفسها فهي إضافة، لا بإضافة لأنها ماهية لذاتها تعقل بالقياس إلى الغير. وههنا إضافات كثيرة تلحق بعض الذوات لذاتها لا لإضافة أخرى عارضة، بل مثل ما يجري عليه الأمر من لحوق هذه الإضافة للإضافة الأبوية. وذلك مثل لحوق الإضافة لهيئة العلم فإنها لا تكون لاحقة بإضافة أخرى في نفس الأمور، بل تلحقها لذاتها، وإن كان العقل ربما أخترع هناك إضافة أخرى. وإذ قد عرفت هذا فقد عرفت أن المضاف في الوجود موجود بمعنى أن له هذا الحد، وهذا الحد لا يوجب أن يكون المضاف في الوجود إلا عرضا إذا عقل كان بالصفة المذكورة، ولا يوجب أن يكون أمرا قائم الذات واحدا واصلا بين الشيئين. وأما القول بالقياس فإنما يحدث في العقل، فيكون ذلك هو بالإضافة العقلية والإضافة الوجودية ما بيناه، وهو بحيث إذا عقل كان معقول الماهية بالقياس، وأما كونه في العقل فإن يكون عقل بالقياس إلى غيره، فله في الوجود حكم، وفي العقل حكم، من حيث هو في العقل لا من حيث الإضافة. ويجوز في العقل إضافات مخترعة إنما يفعلها العقل بسبب الخاصية التي للعقل منها. فالمضاف إذن موجود في الأعيان وبان أن وجوده لا يوجب أن يكون هناك إضافة إلى إضافة بغير نهاية. وليس يلزم من هذا أن يكون كل ما يعقل مضافا يكون له في الوجود إضافة. وأما المتقدم والمتأخر في الزمان، وأحدهما معدوم وما أشبه ذلك، فإن التقدم والتأخر متضايفان بين الوجود إذا عقل، وبين المعقول الذي ليس مأخوذا عن الوجود الخاص؛ فاعلمه. فإن الشيء في نفسه ليس بمتقدم إلا بشيء موجود معه، وهذا النوع من المتقدم والمتأخر موجود
صفحه ۸۰