به ونصره وموالاة أهله من ذلك الوجه ونفي باطل كل طائفة من الطوائف وكسره ومعاداة أهله من هذا الوجه فهم حكام بين الطوائف لا يتحيزون إلى فئة منهم على الإطلاق ولا يردون حق طائفة من الطوائف ولا يقابلون بدعة ببدعة ولا يردون باطلا بباطل ولا يحملهم شنآن قوم يعادونهم ويكفرونهم على أن لا يعدلوا فيهم بل يقولون فيهم الحق ويحكمون في مقالالتهم بالعدل والله ﷾ أمر رسوله أن يعدل بين الطوائف فقال:: ﴿فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأعْدِلَ بَيْنَكُمُ﴾ فأمره سبحانه أن يدعو إلى دينه وكتابه وأن يستقيم في نفسه كما أمره وأن لا يتبع هوى أحد من الفرق وأن يؤمن بالحق جميعه ولا يؤمن ببعضه دون بعض وأن يعدل بين أرباب المقالات والديانات وأنت إذا تأملت هذه الآية وجدت أهل الكلام الباطل وأهل الأهواء والبدع من جميع الطوائف أبخس الناس منها حظا وأقلهم نصيبا ووجدت حزب الله ورسوله وأنصار سنته هم أحق بها وأهلها وهم في هذه المسألة وغيرها من المسائل أسعد بالحق من جميع الطوائف فإنهم يثبتون قدرة الله على جميع الموجودات من الأعيان والأفعال ومشيئته العامة وينزهونه ان يكون في ملكه ما لا يقدر عليه ولا هو واقع تحت مشيئته ويثبتون القدر السابق وأن العباد يعملون على ما قدره الله وقضاه وفرغ منه وأنه لا يشاؤن إلا أن يشاء الله ولا يفعلون إلا من بعد مشيئته وأنه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ولا تخصيص عندهم في هاتين القضيتين بوجه من الوجوه والقدر عندهم قدرة الله تعالى وعلمه ومشيئته وخلقه فلا يتحرك ذرة فما فوقها إلا بمشيئته وعلمه وقدرته فهم المؤمنون بلا حول ولا قوة إلا بالله على الحقيقة إذا قالها غيرهم على المجاز إذ العالم علويه وسفليه وكل حي يفعل فعلا فإن فعله بقوة فيه على الفعل وهو في حول من ترك إلى فعل ومن فعل إلى ترك ومن فعل إلى فعل وذلك كله بالله تعالى لا بالعبد ويؤمنون بأن من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأنه هو الذي يجعل المسلم مسلما والكافر كافرا والمصلي مصليا والمتحرك متحركا وهو الذي يسير عبده في البر والبحر وهو المسير والعبد السائر وهو المحرك والعبد المتحرك وهو المقيم والعبد القائم وهو الهادي والعبد المهتدي وأنه المطعم والعبد الطاعم وهو المحي المميت والعبد الذي يحيى ويموت ويثبتون مع ذلك قدرة العبد وإرادته واختياره وفعله حقيقة لا مجازا وهم متفقون على أن الفعل غير المفعول كما حكاه عنهم البغوي وغيره فحركاتهم واعتقاداتهم أفعال لهم حقيقة وهي مفعولة لله سبحانه مخلوقة له حقيقة والذي قام بالرب ﷿ علمه وقدرته ومشيئته وتكوينه والذي قام بهم هو فعلهم وكسبهم وحركاتهم وسكناتهم فهم المسلمون المصلون القائمون القاعدون حقيقة وهو سبحانه هو المقدر لهم على ذلك القادر عليه الذي شاءه منهم وخلقه لهم ومشيئته وفعله بعد مشيئته فما يشاؤن إلا أن يشاء الله وما يفعلون إلا أن يشاء الله وإذا وازنت بين هذا المذهب وبين ما عداه من المذاهب وجدته هو المذهب الوسط والصراط المستقيم ووجدت سائر المذاهب خطوطا عن يمينه وعن شماله فقريب منه وبعيد وبين ذلك وإذا أعطيت الفاتحة حقها وجدتها من أولها إلى آخرها منادية على ذلك دالة عليه صريحة فيه وإن كان حمده لا يقتضي غير ذلك وكذلك كمال ربوبيته للعالمين لا يقتضي غير ذلك فكيف يكون الحمد كله لمن لا يقدر على مقدور أهل سماواته وأرضه من الملائكة والجن والإنس والطير والوحش بل يفعلون ما لا يقدر عليه ولا يشاءه ويشاء ما لا يفعله
1 / 52