جاهل بالشريعة وأصول الأحكام، وهذا المقصود يتلخَّص بوجوه:
أحدها: أن الرجل الجليل الذى له في الإسلام قَدَم صالح وآثار حسنة، وهو من الإسلام وأهله بمكانةٍ عُليا، قد يكون منه الهفوةُ والزلَّةُ، هو فيها معذور بل مأجور، ولا يجوز أن يُتْبع فيها، مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين.
قال ابنُ المبارك: ولقد أخبرني المعتمر بن سليمان قال: رآني أبي وأنا أنشد الشعر، فقال لي: يا بني لا تُنْشد الشِّعر، فقلت له: يا أبه كان الحسن يُنشد، وكان ابن سيرين يُنشد، فقال لي: يا بُني إن أخذت بشَرِّ ما في الحسن وبِشَرِّ ما في ابن سيرين، اجتمعَ فيك الشرُّ كلُّه.
وهذا أمر متفق عليه، فإنه ما من أحدٍ من أعيان الأمة من السابقين الأولين ومن بعدهم إلا لهم أقوال وأفعال خفي عليهم فيها السنة، وهذا باب واسع لا يُحصى، مع أنَّ ذلك لا يغضُّ من أقدارهم، ولا يسوِّغ اتّباعهم فيها، كما قال - سبحانه -: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩].
قال مجاهد والحكم بن عُتَيْبَة ومالك وغيرهم: ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويُتْرك إلا النبي ﷺ (^١).
وقال سليمان التيمي: إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع
_________
(^١) أخرجه البيهقي في "المدخل للسنن الكبرى": (ص/ ١٠٧)، وابن عبد البر في "الجامع": (٢/ ٩٢٥) عن مجاهد، وأخرجه ابن عبد البر عن الحكم.
1 / 77