يَقِفَه عليه، وهذا تمليك فاسد، ولو فَعَلَ غيرَ ذلك لعدَّه ماكرًا غادرًا، فيتكلَّم بالتمليك استهزاءً وتلاعُبًا بآيات الله وحدوده، وقد كان له مندوحة بأن يقلِّد من يرى وقْفَه على نفسِه (^١)، أو يَقِفَه على غيره ويستثني المنفعةَ مدَّةَ حياته (^٢)، فإن تقليد بعض الأئمة خير من الكذب والخداع والزور.
فصلٌ (^٣)
فإن قيل: هذه الحيل مما اختلف فيها العلماء، فإذا قلَّد الإنسانُ من يُفتي بها فله ذلك، ولا إنكارَ في مسائل الخلاف، لا سيما على من كان متقيِّدًا بمذهب من يرخِّص فيها أو قد تفقَّه فيها، ورأى أن الدليلَ يقتضي جوازَها، وقد شاع العملُ بها عن جماعاتٍ من الفقهاء، ويُعزى القولُ بها إلى مذهب أبي حنيفة والشافعي ﵄.
وما قالَه مثل هؤلاء الأئمة لا ينبغي الإنكار البليغ فيه، لا سيما على من يعتقد أن الذين جوَّزوا ذلك أفضل من غيرهم، فإذا قلَّد العاميُّ أو المتفقِّه واحدًا منهم، إما على القول: إنه لا يجب على العامي الاجتهاد في أعيان المُفتين، أو على القول بوجوبه إذا ترجَّح عنده أن من قلَّده فيها هو الأفضل، فلا إنكار، إلا أن يُقال: إن المسألة قطعيَّة لا يسوغ فيها الاجتهاد، وهذا لا يمكن قوله؛ لأن
_________
(^١) انظر "الإبطال": (ص/ ١٤٩).
(^٢) انظر "الإبطال": (ص/ ١٣٨).
(^٣) "فصل" ليست في "الإبطال".
1 / 75