ما لم يُطْلقه لهم الرسول مع وجود المقتضي للإطلاق؛ فقد جاء بشريعة ثانية، ولم يكن متبعًا للرسول، ومَرَقَ من الدين، فَلْينظر امرؤٌ أين يضع قدمه! .
وكذلك نعلمُ أنَّ التجارة كانت في القوم فاشية، والربحُ مطلوبٌ بكل طريق، فلو كانت هذه المعاملات جائزة لأوشكَ أن يفتوا بها، وكذلك الاختلاع (^١) لحل اليمين.
وبالجملة؛ الأسباب المحوجة إلى هذه الحيل ما زالت موجودة، فلو كانت مشروعة لنبَّه الصحابةُ عليها، فلَمَّا لم يصدر منهم إلا الإنكار لجنسها عُلِم قطعًا أنها ليست من الدين، وهذا قاطع لا خفاء به لمن نوَّر اللهُ قلبَه، والله المستعان.
ولما ظهر الإفتاء بهذه الحِيَل في أواخر عصر التابعين، أنكر ذلك علماء ذلك الزمان، مثل: أيوب السَّخْتياني، وحماد بن زيد، ومالك بن أنس، وسفيان بن عُيَينة، ويزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن المبارك، والفُضَيل، وشريك، والقاسم بن مَعْن، وحفص بن غِياث (^٢).
وتكلَّم علماء ذلك العصر، مثل: أيوب، وابن عَوْن، والقاسم بن مُخَيمرة، والسفيانين، والحمَّادين، والأوزاعي، [و] (^٣) من شاء
_________
(^١) كذا في الأصل و(م)، وفي "الإبطال": "الاحتيال".
(^٢) وهؤلاء الثلاثة قضاة الكوفة.
(^٣) من (م) و"الإبطال".
1 / 68