ولينزِلَنَّ أقوامٌ إلى جنبِ عَلَم تروح عليهم بسارحة لهم تأتيهم لحاجةٍ فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيُبَيِّتُهم اللهُ ويضعُ العلمَ، ويمسخُ آخرينَ قِرَدةً وخنازيرَ إلى يومِ القيامَةِ".
هكذا رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به، وعُرْفُه إذا قال: "قال فلان كذا" فهو من الصحيح المشروط، وإنما لم يُسْنِدْه؛ لأنه قد يكون عنده نازلًا (١٥١/ ب) أوْ لا يذكر من سمعه منه، مع علمه باشتهار الحديث عن ذلك الرجل، أو لغير ذلك. وإذا قال: رُوِي أو يُذكر، لم يكن من شرط كتابه، لكن يكون من الحسن.
والخزُّ (^١) - بالخاء والزاي المعجمتين - نوعٌ من الحرير، ليس هو الخز المأذون في لبسه، المنسوج من صوفٍ وحرير.
وقوله: "لينزلَنَّ أقوامٌ" يعني: من هؤلاء المستحلِّين، والمعنى: أن هؤلاء المستحلين ينزل منهم أقوام إلى جنب جبل، فيواعدهم رجلٌ إلى الغد، فيُبَيَّتُهم الله - سبحانه - ليلًا، ويمسخ منهم آخرين.
كما ذكر المضمر (^٢) في حديث أبي داود حيث قال: "يمسَخُ منهم آخرين"، والخَسْف المذكور في هذا الحديث - والله أعلم -: التَّبْييت في الحديث الآخر؛ لأنه الاتيان بالبأس بالليل، فهذا نصُّ
_________
(^١) اختصر البعليُّ الكلامَ هنا، فأوهم أن تفسير "الخز" هنا هو لرواية البخاري السابقة، وليس كذلك، ففي أصله - بيان الدليل - ساق شيخُ الإسلام بعضَ ألفاظ حديث المعازف - غير رواية البخاري - ومنها لفظ أبي داود (رقم ٤٠٣٩): "ليكونن من أُمتي أقوام يستحلون الخزّ والحرير ... " الحديثَ. ثم شرح هذا اللفظ ...
(^٢) في "بيان الدليل": "الضمير".
1 / 46