وأما العسل فيجعله الحر أولا أرق فى قوامه. وذلك لما يتحلل من لطيفه، فيكون هو أرق بالقياس إلى ما كان قبل أن مسه الحر. لكنه إن أصابه البرد لم يكن أولا أرق بالقياس إلى ما كان من قبل.وذلك لأن فى هذه الحال يجمد أشد مما كان قبل. فالبرد يجمده لأن فيه رطوبة، والحر يجمده لأن فيه يبوسة. فتغلب بالحر على ما علمت، ويعينها تحلل من الرطوبة.
وأما الزيت فعسيرا ما يجمد ، وذلك للزوجته، ولما فيه من الهوائية، وإن كان قد يخثر لاستحالة هوائية إلى الضبابية. والطبخ لا يخثره كثير تخثير، لأنه لا يقدر على التفصيل بين رطوبته ويبوسته، لأنه شديد الاختلاط جدا. ولذلك هو لزج. وإنما ينقص قدره لتبخر ما يتبخر عنه. لكن المتبخر يكون فى صفة ما يبقى فيه من حيث إنه يتصعد ممتزجا من الجوهرين، لا ألطف كثيرا منه، وذلك كما يتبخر الصاعد عن الماء، ويترك الباقي بحاله. والزيت يعسر تصعيده لأنه لزج مشتعل.
وأما البيض فإن الحر يعقده عن سيلانه، ثم يحله بالتفرين لا بالتسيل. وإنما ينعقد البيض بالحر لأن المنبث فى جوهره يبوسة رققها النضج فى الرطوبة. فإذا ما سخن استعانت اليبوسة بالحرارة، على ما فد وقفت عليه، فغلبت الرطوبة وعقدت.
صفحه ۲۳۷