شعر و فکر: مطالعاتی در ادبیات و فلسفه

عبد الغفار مکاوی d. 1434 AH
93

شعر و فکر: مطالعاتی در ادبیات و فلسفه

شعر وفكر: دراسات في الأدب والفلسفة

ژانرها

عالم خال من الضوضاء،

يقيني أبنيه على الظلام،

وكلما زاد البرق عتمة، كان ملكا لي.

في السواد تطفو زهرة.

وليس من العسير فهم معنى القصيدة. فالظلام أو الغموض الذي يتحدث عنه الشاعر يأتي من احتمائه بنفسه من العالم الخارجي والابتعاد عن أضوائه وضوضائه. إنه يغلق عينيه، فينفتح عالمه الداخلي، ويتحرر من ضجة الحياة، ويحول الظلام - أو اختفاء الواقع الخارجي - إلى نور، ويطلع تلك الزهرة التي لا تتفتح إلا في نور الظلام (والوردة هنا رمز الكلمة الشاعرة). أي إن الشعر لا يكتمل إلا في عالم «اللاواقع» الذي يجبره على الغموض والإظلام.

وقد نشأت في إيطاليا منذ حوالي أربعين عاما حركة أدبية راحت تنادي بالغموض في الشعر، حتى سميت بحركة الغموض والإلغاز، وكان من بين ممثليها الشعراء بونتمبللي، ومونتاله، وسابا، وكوازيمودو، وأنجارتي الذي سنتحدث الآن عنه بشيء من التفصيل. وقد تأثرت هذه الحركة بشعراء البارناسية والرمزية في القرن التاسع عشر (رامبو، مالارميه، فاليري) فراحت تسعى إلى تأكيد طابع الغموض والسحر والإيحاء في الشعر، وتقدم نغمة الكلمة وقيمتها الشعورية على معناها، ولكن هل تنطبق حقا صفة الغموض على أنجارتي؟ لنحاول الآن أن نتعرف عليه، فقد يهمنا أن نعرفه لأسباب كثيرة، ليس أقلها أنه ولد في بلادنا، وقضى صباه في أجمل مدننا، وحوت أشعاره كثيرا من ذكرياته وانطباعاته عنا. •••

ولد جوسيبي أنجارتي

Giuseppe Ungaretti

في العاشر من فبراير سنة 1888م في الإسكندرية، من أبوين مهاجرين من مدينة لوكا. وفي الإسكندرية التي أصبحت على حد قوله: «حلما مألوفا» لديه، قضى طفولته وشبابه المبكر. فهو لم يغادرها إلى إيطاليا لاستكمال دراسته إلا بعد أن أتم الثامنة عشرة من عمره. ثم ذهب إلى باريس، واستمع إلى محاضرات السوربون، واكتشف عن كثب ما يجري من تيارات جديدة في الأدب والفن . وتعرف على رواد الثورة الوليدة في الشعر والرسم، أمثال أبوللينير وماكس جاكوب وديران وبيكاسو وبراك وبيجي، كما استمع إلى محاضرات برجسون الفلسفية في نهم وحماس، وشارك في الحوار آنذاك حول الفن الجديد، وتأثر بقراءاته لمالارميه وفاليري وسان - جون - بيرس الذي ترجمه إلى لغته.

1

صفحه نامشخص