شعر شعبی فولکلوری: مطالعه و نمونهها
الشعر الشعبي الفولكلوري: دراسة ونماذج
ژانرها
العبد فيه طبع إن شبع يدوس سيده
فملامح العبيد في هذه المأثورات الشعرية تبدو ضنينة «فلم يثبت وجود العبودية في السجل الأركيولوجي لمصر في ما قبل التاريخ، وحتى في العصور التاريخية المبكرة، برغم استخدام الأسرى كعبيد» كما يشير جوردون تشايلد.
مع الأخذ في الاعتبار أن غياب «العبيدية» من البنية الطبقية الجوهرية للمجتمع المصري منذ عصوره المبكرة، لا يعني استبعاد العلاقات والتركيبات العبودية؛ ذلك أن فلولها موجودة منذ أقدم العصور ممثلة في الأسرى والنوبيين حتى أسرة محمد علي، سوى أنها غير مؤثرة في البنية الاقتصادية المصرية، بالقدر الذي تشكله مثلا في بقية الأجزاء والكيانات والحضارات العربية، خاصة الجزيرة العربية وما بين الرافدين والسودان، وهو ما تعكسه حكاياتها وأشعارها الفولكلورية.
يضاف إلى هذا أن بنية المجتمع المصري تشير بوضوح، في ما يعكسه فولكلوره ومأثوراته الشعرية، إلى ما هو أفدح من العبودية، وهو نظام السخرة الذي عبرت عنه قوة العمل المعجزة التي أقامت «حضارة السخرة» الحجرية الإنشائية؛ من أهرامات ومعابد ومقابر على طول وادي النيل، فهي قوة عمل جماعي تقودها أسواط المشرفين وتستخدم في قطع الأحجار الجلمودية الجرانيتية ونقلها من أقصى مصر العليا إلى الوسطى - الجيزة وأهناسيا والفيوم - بل وحتى فاروس أو الإسكندرية القديمة، أي بدءا من أسوان حتى الإسكندرية.
بل لعلها هي ذات قوة العمل الجماعي التي حفرت قناة السويس وبقية أعمال السخرة التي ما زالت ماثلة في الوجدان الشعبي الجماعي لمعدمي فلاحي مصر، بل هي ما تزال ماثلة في عمال التراحيل حتى أيامنا. فمن المفجع أن البنية الطبقية للمجتمع المصري، بدءا من حضارات ما قبل التاريخ - الأسرات - في الفترات البربرية التي عثر على ملامحها ومخلفاتها في حضارات
6
أرمنت والبداري والعمرية أو الإمارات،
7
وجزوة ببني سويف والسمانية، وهي ما تزال مخلفة مؤثراتها إلى اليوم بالنسبة للتركيبات الاجتماعية، وأحوال هؤلاء العمال السخرة الذين لم يكونوا - كما يذكر جوردون تشايلد - «اختصاصيين متفرغين يعملون بالأجر، أي يتعيشون كلية من فائض الإنتاج الاجتماعي المتمركز في يد الفرعون، فكانوا في الأغلب يأكلون ويلبسون على نفقة المستخدم - مقاول الأنفار - طيلة وجودهم الذي قد يمتد لسنوات».
أما الفرعون أو الملك فهو في كل الأحوال تجسيد للطوطم والآلهة، وبذا تحول العمل الاختياري - في العشيرة البربرية - إلى سخرة إجبارية من أجل الدولة المشخصة في فرد أو الكل في واحد، مما دفع بالفرعون لأن يأخذ مكان «الطوطم» السلف المقدس أو الإله.
صفحه نامشخص