Sheikh Abdul Hay Yusuf's Lessons
دروس الشيخ عبد الحي يوسف
ژانرها
معرفة سبب النزول تبين لنا أن صورة السبب داخلة في عموم الحكم
الفائدة الخامسة: أن سبب النزول غير خارج من حكم الآية فيما إذا كان لفظ الآية عامًا وورد مخصص لها، فبمعرفة سبب النزول يعلم أن ما عداه يشمله هذا التخصيص، أما سبب النزول فهو داخل في العموم، وهذا بإجماع العلماء أن صورة السبب داخلة في الحكم، مثلًا: قال الله ﷿: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ﴾ [الأحزاب:٥٣]، (إناه) أي: نضجه؛ ولذلك قال الله ﷿ عن أهل جهنم والعياذ بالله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً * تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ﴾ [الغاشية:٢ - ٥] يعني: تناهى حرها.
فيكون معنى الآية السابقة: أيها المؤمنون! لا تدخلوا بيت الرسول ﵊ إلا بعد استئذان، وإذا دعاكم إلى طعام فأتوه وقت الطعام، ولا تجلسوا فترة طويلة تنتظرون نضج الطعام.
وسبب النزول: أن الرسول ﷺ لما تزوج زينب بنت جحش أولم وليمة، وجاء بعض الصحابة فأكلوا وانصرفوا إلا رجلين بقيا يتكلمان، ويستأنسان، والرسول ﷺ لم يكن عنده إلا غرفة واحدة، قال الحسن البصري: دخلت بيوت أزواج النبي ﷺ، وأنا فتى -يعني: شاب- فكنت إذا رفعت يدي نلت سقفها، وإذا مددت رجلي نلت جدارها، وهذان الرجلان قعدا يستأنسان، وبقيت زينب ﵂ ووجهها إلى الحائط تنتظر خروجهما، وكان الرسول ﷺ حييًا، فبقي ﷺ يدخل ثم يخرج ويدخل ثم يخرج لعلهم يشعرون بذلك ويخرجون، ولكنهم لم ينصرفوا، فنزلت الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ﴾ [الأحزاب:٥٣].
فالحكم هنا عام، فبيتي وبيتك مثل بيت الرسول ﷺ لا يجوز دخول البيوت إلا بإذن.
فإذا قال قائل: إن هذا الحكم خاص بالنبي فنقول: تدخل بيوت الرسول ﷺ دخولًا أوليًا؛ لأن الآية نازلة في شأنه ﵊.
وهذا دليل على أن سبب النزول يستفاد منه أن الخاص يدخل تحت حكم العام، فإذا وجد التخصيص كان هذا التخصيص شاملًا لما عداه.
7 / 7