224

Sheikh Abdul Hay Yusuf's Lessons

دروس الشيخ عبد الحي يوسف

ژانرها

إقسام الله بمكة وقد افتتح الله هذه السورة المباركة بقوله: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد:١] والبلد: هو مكة بإجماع المفسرين، وقد أقسم ربنا ﷻ بمكة في قوله سبحانه: ﴿وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ﴾ [التين:١ - ٣]، وهنا يقول: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد:١]، قال أهل التفسير: (لا) هاهنا مزيدة صلة على عادة العرب في كلامهم، وقد تكرر هذا في القرآن كثيرًا، كقول الله ﷿ مخاطبًا إبليس: ﴿مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ﴾ [الأعراف:١٢] والمعنى: ما منعك أن تسجد، وقول موسى لهارون: ﴿قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ﴾ [طه:٩٢ - ٩٣] أي: أن تتبعني، وقول الله ﷿: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾ [الحديد:٢٩] أي: ليعلم أهل الكتاب، وقد تكرر هذا المعنى في القرآن كثيرًا حيث يؤتى بلا زائدة، ومنه أيضًا قول القائل: ما كان يرضى رسول الله دينهم والأطيبان أبو بكر ولا عمر أي: أبو بكر وعمر، وقول الله ﷿: ﴿وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ﴾ [فصلت:٣٤] أي: ولا تستوي الحسنة والسيئة. وبعض أهل التفسير قال: أصل الكلام: (لأقسم بيوم القيامة) وأشبعت الفتحة حتى صارت ألفًا، كما قال بعض العرب: وتضحك مني شيخة عبشمية كأن لم ترا قبلي أسيرًا يمانيًا والمعنى: كأن لم ترَ قبلي أسيرًا يمانيًا، لكن قال: كأن لم ترا. والآخر يقول: ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زيادِ فيجعل ألم يأتك ألم يأتيك وأشبع الكسرة، فالله ﷿ قال: ﴿لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ [البلد:١] البلد: مكة، والمعنى أقسم بهذا البلد.

18 / 29