ضرب جبهته براحته حتى خيل إليها أنه سيحطمها. مضت به إلى حجرة الجلوس. أضاءت المصباح وحبكت الروب وقاية من برودة شديدة. جلست ولكنه لم يجلس. كررت السؤال، فجعل يذهب ويجيء، ثم قال: عرفت أشياء غاية في القبح! - ما هي؟ - عنايات لم تكن ضحية كما توهمت ولكنها كانت داعرة! - ماذا تعني؟ - كانت تعبث بثلاثتنا، أنا وزغلول ورمضان. - اعترفت لك بذلك؟ - اعترف لي زغلول ورمضان ليحذراني.
آه ... إنهما يقصدان إجهاض القرار. وهي تعرف بواعثهما. بعضها أناني وبعضها لا غبار عليه. ورغم إيمانها بأن عنايات مظلومة فإن باطنها لم يخل من دبيب راحة. وسألته: ماذا فعلت؟ - قررت الداعرة حتى أقرت ... - خفض من صوتك أو يصل إلى الشارع، هل دافعت عن نفسها؟ - تدعي أنها استسلمت على رغمها الفاجرة! - اهدأ. - فوق طاقتي! - أرجو أن تنتظرني حيث أنت ...
مضت إلى المطبخ.
لكنها لم تجد لعنايات من أثر.
ورجعت إلى محمود متسائلة: هل طردتها؟
فهز رأسه نفيا، فقالت: لقد ذهبت.
15
انسرب الجو العاصف إلى القلوب. الإخوة - رغم الاعتراف المريح للضمائر - فقدوا شعورهم الطبيعي بالبراءة وعزة النفس. جمالات تدرك ذلك وتلاحظه بنفس مكلومة. الأمور الآن تناقش جهرا، وها هو الأب وزغلول ورمضان يلحون على اعتبار الموضوع منتهيا، أما محمود فقد تبعثرت ذاته. وضاعف من عذابها أنها في صميمها قد ارتاحت إلى اختفاء البنت وهي بريئة من دمها. ولاحظت أن زوجها لا يأبه لأحزان محمود ولكنه يتابعها هي بقلق. وقال لها وهو منفرد بها: لقد رضينا بالحل الصحيح الذي دل على شرف الولد، ثم حصل ما حصل بلا تدخل منا، فلا مسوغ للحزن يا جمالات.
فقالت بوجوم: محمود ضائع تماما وسيخسر عامه الدراسي! - خرج الأمر من يدنا ولم يعد في وسعنا شيء. - لن يغسل ذلك ملابسنا القذرة.
فقال بضجر: فلنتركها للشمس والهواء.
صفحه نامشخص