تحولت الأبصار بذهول نحو شطا الحجري. فتى جاوز العشرين بعام أو عامين. أحدث من انضم إلى العصابة، لم يشترك بعد في معركة، قبل بناء على تزكية من طباع الديك نفسه. وجزع الديك. إنه في الحلقة الرابعة من عمره ويصغر معلمه بعام واحد. ورغم سوء ظنه بالمهمة وحذره من مقالب معلمه فقد خاف أن تفلت منه فرصة العمر؛ لذلك هتف: لا أحد لها سواي.
فقال المعلم بهدوء: إنه شطا الحجري. - ولكنه ...
فقاطعه المعلم: لقد سبق، ولا حيلة لك.
غشيت الصمت كآبة، أيصير شطا الحجري الرجل الثاني إذا لم يهلك؟ ترى ما هي المهمة؟ هل أنقذهم الخوف أو ضيعهم؟ أيهلك شطا أم يفوز؟ وماذا لو تكشفت المهمة عن تكليف يسير لا يشق على أحد؟ لقد تمنوا في أعماقهم أن يتقرر الهلاك مصيرا لشطا. وتلهفوا على معرفة المهمة فتساءلوا: لم يعد محظورا أن تكشف لنا عن سر المهمة يا معلم.
فقال المعلم بمرح: كل شيء مرهون بوقته.
وقام الرجل نافضا عن عباءته ذرات الرماد ومضى نحو الحارة وهو يقول: تناسوا ما دار بيننا في هذه الليلة الحارة، فلا شأن لكم به!
2
توارى المعلم عن الأعين. لزم الرجال أماكنهم من شدة الذهول. وجد شطا الحجري نفسه في بؤرة منصهرة بحرارة الأبصار والصيف. أراد أن يخرج من الحرج بكلمة اعتذار فقال: أعترف بأنني ما زلت أحبو في الذيل، ولكنها إرادة الله.
فقال رجل مغلفا قوله بنبرة نذير: بل اخترت بإرادتك يا شطا!
فقال في استسلام: إنما يجري كل شيء بمشيئة الله.
صفحه نامشخص