شیطان بنتاور
شيطان بنتاءور: أو لبد لقمان وهدهد سليمان
ژانرها
قال الهدهد: ورأيت الناس يهرعون إلى صلاة المغرب، فندمت على ما فاتني من المشاهدة والعيان في هذه الزورة الأولى، وقلت للنسر: قد كان لنا يا مولاي غنى عن أبي الطيب وحديثه، والنظر في طيبه وخبيثه، لا سيما وهذا أول أصيل قضيناه على الفسطاط.
فأخذ النسر من عبارتي الغضب، وقال: أحدثك عن شعر العرب وشاعرهم، ونحن قادمون على دولتهم في ابتدائها بمصر فتزعم أنني حدت عن الغرض، وخرجت عن الموضوع! وما الشعر والبيان إلا عنوان الأمم، يستدل بهما عليها.
ثم تثاءب النسر وقال: موعدنا غدا مجلس عمرو. فما هي إلا إغماءة، ثم إذا أنا بحلوان.
المحادثة الحادية عشرة
قال الهدهد: وكان موعدي مع النسر أن نلتقي في مجلس عمرو، فلما كان الأصيل خرجت إلى الفسطاط، في زي قسيس من الأقباط، كما سبق بذلك الاشتراط؛ فحين بلغت مدينة ابن العاص، التي فتحها للإسلام بالرأي قبل الفتح بالسيف، وافيت مقر الإمارة، وهناك ما كان أسهل الوصول، وأيسر الدخول! رفعت الحجب بين عامل عمر وبين الزمر؛ واقتدى به وجوه العرب في سلوكهم؛ والناس على دين ملوكهم؛ فاستقبلت مجلسا أليق بالوعاظ والعلماء منه بالملوك والأمراء؛ وقدمت على أمير تاجه العمامة، ومطرفه القباء، وصولجانه السيف، وكرسيه التراب، وحاشيته الأصحاب، وقصره خيمة ممدودة الأطناب؛ يحيط به العرب وكأنه أحدهم، وهو زعيمهم في مصر وسيدهم؛ وكان النسر بين يديه، قد سبقني إليه، وهو يبالغ للعامل في الخطاب، ويلقي السؤال ويأخذ الجواب؛ فسمعته يقول له: هذه دنياكم يا ابن العاص، لا تغترون بها، ولا تحفلون بحبها؛ وإنها لدنيا العقلاء، وطلبة الحكماء، فكيف دينكم؟
قال: أسهل وأيسر وأسمح: الشهادة وهي كلمة، والصلاة وهي عصمة، والزكاة وهي رحمة، والحج وهو حكمة؛ وما سوى ذلك فزيادة في العبادة، أو بدع تأتي بها الأيام، وأعراض لا يصدأ بها جوهر الإسلام.
قال: نعمت الدنيا لو لم تزل عن الخلفاء، وتئول إلى الملوك والأمراء؛ وحبذا الدين لو سلم من عبث الفقهاء، وعيث الجهلاء.
قال: وما يمنعك أيها القسيس أن تستقبل هذه الدنيا وتدخل في هذا الدين؟
قال: إني أتبع دينا يقال فيه في جملة الدعاء: «إيزيس لو لم تتوحدي لما كانت الأشياء، ولن تصل إلى حواشي حجابك يد الأحياء!» فالمعبود إذن واحد، وإن اختلفت الأسماء.
قال: أي الأديان هذا؟
صفحه نامشخص