صلى الله عليه وسلم .
والذين يروون هذه الرواية يسيئون إلى أولئك الشيوخ من أصحاب رسول الله، حين يصورونهم من جهة خائفين مشفقين أن يتخطفهم العرب، مع أنهم قد صحبوا النبي
صلى الله عليه وسلم
أيام الفتنة في مكة، وعرفوا مقالته لعمه أبي طالب حين كلمه فيما تعرض عليه قريش ليكف عن دعوته الجديدة، فقال: «والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما تركته.»
وهم كذلك قد شهدوا مع النبي مواطن البأس في بدر وأحد والأحزاب وغيرها من المشاهد، وكان المسلمون قلة وكانت العرب كافرة من حولهم، فلم يفل ذلك عزمهم ولم يضعف من همهم، وإنما ثبتوا لليأس والهول حتى أظهرهم الله على العرب كلها.
أفتراهم قد نسوا هذا كله، وأشفقوا من أن يحاربوا العرب على الإسلام بعد وفاة النبي، كما حاربوهم عليه في حياته؟!
وقد عرفت موقف عمر من صلح الحديبية، واعتراضه على النبي
صلى الله عليه وسلم
في قبول هذا الصلح، وقوله لأبي بكر: «لم نعطي الدنية في ديننا؟!» فليس من المعقول ولا من المقبول أن ينسى عمر مواقفه كلها ليشفق من حرب العرب وإن كثرت مع أبي بكر، كما حاربهم مع النبي
صلى الله عليه وسلم ، وكل أصحاب رسول الله كانوا يعرفون، كما كان يعرف أبو بكر، أن الله قد قرن الزكاة بالصلاة في القرآن غير مرة، فلا تكاد الصلاة تذكر في الكتاب العزيز إلا ومعها الزكاة، وكانوا يعرفون قول النبي: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا.»
صفحه نامشخص