ومهما يكن من أمر فقد كان في كل عام منذ 1956 يبرز كاتب من بين الكتاب المسرحيين وتعلو قامته عليهم، فكان أوزبورن في 1956، وبرندن بيهان في عام 1957، وشيلا ديلاني في 1958، وآرنولد وسكر في عام 1959، وقد كان هؤلاء يجلبون إلى مسارح لندن وإلى أضواء المدينة الكبرى ما كان يلاقي نجاحا في المدن الصغرى وفي الريف.
وإلى جانب هؤلاء وجدت طائفة أخرى اتجهت نحو التليفزيون، ومنهم كلايف أكستن وآلن أوين الذي بدأ في الإذاعة ثم انتقل إلى التليفزيون، وأخيرا إلى المسرح وكان منهم أيضا هارولد بنتر.
وفي عامي 1962 و1963 لعب «نادي الفنون المسرحية» دورا هاما في الإحياء، فظهر عن طريقه وبتشجيعه من الكتاب ردكن وفرد واطسون وميشيل كودرون، وقد أخرجوا مسرحيات شكسبير إخراجا جيدا.
ولم يحصر هؤلاء مجالهم في المسرح، بل اتخذوا إلى جانبه الإذاعة والتليفزيون والسينما مجالا لعرض نشاطهم الفني. •••
ولكنا إذا كنا نحد تطور المسرح الحديث في بريطانيا بعام 1956 فلا بد أن ننظر قليلا إلى الوراء لنرى الخطوات التي خطاها حتى بلغ هذه المرحلة، فإن الثورة التي تشتعل نيرانها بين يوم وليلة لا بد لها من أسباب سابقة تدعو إلى تفجيرها.
من هذه الأسباب ظهور مسرحية «في انتظار جودو» لايونسكو في مسارح لندن في عام 1951، ومنها تدفق المسرحيات الأمريكية الجديدة على بريطانيا، ومحاولات أخرى بأقلام إنجليزية لتأليف مسرحيات جديدة، أو لإحياء شكسبير، ومنها أيضا الجهود التي بذلها ت. س. إليوت وكرستوفر فراي لإحياء المسرحية الشعرية قبل عام 1950، ومنها مسرحية جريهام جرين التي أخرجها في عام 1953 وعنوانها «حجرة الجلوس»، ومسرحيتا هنتر «مياه القمر» و«يوم في عرض البحر».
ولا ننسى في هذا الصدد أيضا جهود الممثلين الذين تنبهوا إلى أن يقفوا في أدوارهم مواقف طبيعية بعدما كانوا يميلون إلى المبالغة في الحركات وارتفاع الصوت.
غير أن هذه المحالات - مهما تكن - كانت يسيرة محدودة، وقد اجتذبت الإذاعة كثيرا من الكتاب فلم يكن لهم أثر على المسرح، ولم تظهر في المسرح الإنجليزي حركة تجديد وتطور مثلما حدث في فرنسا وفي أمريكا.
ولعل من الاتجاهات الجديدة التي نلمسها في بعض ما استجد من مسرحيات تأثرها بالمذاهب الجديدة كمذهب السير يالزم ومذهب اللامعقول.
ومن كتاب هذه الفترة الذين مهدوا للمسرح الجديد دنيس كانان وجون هوايتنج مؤلف هذه المسرحية «الشياطين» التي ننقلها لقراء العربية في هذه السلسلة.
صفحه نامشخص