ما عسى يغني غريق عن غريق؟!
ولكن علينا التنبيه والدعوة حتى تواتي الفرص وتستيقظ الهمم.
أصاب حضرموت قحط منذ سنين فأسعف الإنكليز الجائعين ونقلوا الأطعمة بالطائرات، والعرب منهم من لا يعرف حضرموت، ومنهم من يعرف ولا يبالي، ومنهم يبالي ولا يقدر، ومنهم من يقدر ولا يفعل. لقد آن للعرب أن يتعرفوا بلادهم، ويصلوا إخوانهم. إن أسلافنا عرفوا حضرموت أكثر مما نعرفها على بعد المسافات، وانقطاع الوسائل.
فما بالنا اليوم؟!
الخميس 21 محرم/2 نوفمبر
الخوف من الطبيعة
ينشأ ولداننا على الخوف، تخوفهم الأمهات والحواضن من أشياء موهومة «كالغول والبعبع»، ومن أشياء طبيعية كالظلام؛ يقصد بهذا التخويف كف الأولاد عن فعل أو تحريضهم على فعل. ولهذه الأوهام المخيفة أثر في الأنفس ما بقي الإنسان.
ويخوف الوالدان من الطبيعة كالبحار والأنهار والجبال والصحارى، فيفزعون منها، ويبقى هذا الفزع طول العمر. وكان ينبغي أن يعود الناشئ إلف الطبيعة ويدرب على غشيانها والسكون إليها ويبصر بمواضع الحذر منها ليتقيها. ولا يكون هذا إلا بالمران والألف؛ يعود الناشئ اجتياز الصحارى وارتقاء الجبال وركوب السفن ... وهكذا، فيشب آلفا لها في جده ولعبه، وكده ورياضته فتكون منفعة له ومتعة طول حياته.
ذكرني بهذا ما رأيت من إشفاق بعض الرفاق في السفر إلى باكستان من ركوب البحر وخفق قلوبهم مع خفق الرياح، وفزعهم لصوت يسمعونه فجأة، على حين كان ركاب السفينة الآخرين في جذل دائم لا يرون خطرا حيث يرى هؤلاء الرفاق، ولا يخافون مما يخافون، بل يعجبون ويضحكون. وكان البحر رهوا أمس فسرنا ثم ماج قليلا بالليل ففزعنا ولم يفزع الآخرون.
ألا إننا في حاجة إلى تدريب ولداننا على الإقدام والجرأة على ما يحيط بهم في هذه الدنيا ، والسكون إليه، ففي هذا منفعة ولهو، وفيه الدعوة إلى تسخير الطبيعة وتذليلها واستخراج منافعها، والانتفاع بكل ماهو فيها.
صفحه نامشخص