123

الأحد 5 ذي الحجة/17 سبتمبر

خجل الكاسي من العاري

هبطت اليوم إلى سيف من أسياف الإسكندرية قاصدا إلى مقصورة هناك، وكنت كما ألبس عادة، ومعي واحد مثلي، فأخذتنا عيون العراة المتوقحين من نساء ورجال كأنهم يعجبون منا كيف لا نخجل حين نسير بينهم كاسين في زي الإنسان القديم.

وعجبت أن أرى المرأة الوقاح، عارية أو كالعارية، وهي لا تسبح في الماء ولا تقعد على الشاطئ تتهيأ لتسبح، ولكنها في مجلس يضم رجالا وفي طريق يمر به أصناف من الناس يحملقون في هذه الأجسام المعروضة!

ثم قلت لنفسي: لا عجب، هذه بيئة العراة يخجل فيها اللابس، وكل جماعة يغلب فيها حال يخجل فيها من ليس على هذه الحال، خيرا كانت الحال الغالبة أم شرا. فالأمين ذليل بين الخونة، والتقي ضعيف بين الفساق، والعفيف مغلوب بين الشرهين ... وهكذا.

ونعوذ بالله أن تغلب في أمة ضروب الشر فينقلب فيها المعروف منكرا، ويعد فيها الحسن قبيحا، ويذل أنصار الخير ورعاة الفضيلة حتى يبلسوا فيخرسوا، فإن دعوا لقيت دعوتهم السخرية والاستهزاء في كل مكان.

ربما يعتل جانب من الأمة فترجى الجوانب الصحيحة، ويؤمل برء المعتل. فإن اعتلت الجماعة كلها فغلب الخير فيها، وذلت الفضيلة، وانقلبت بيئاتها كلها فاسدة، فليس بعد هذا إلا اشتداد المرض واستفحال العلة، وليس وراء هذا إلا الموت.

الإثنين 6 ذي الحجة/18 سبتمبر

العقل والعشق

يكثر الصوفية من ذكر العقل والعشق، يجعلون الأول قاصرا ضيقا جبانا، لا يطمع إلى الحقائق العليا ولا هو أهل لها، ويعدون العشق شجاعا مقداما طماحا، أهلا لإدراك الحقائق الإلهية. فماذا يعنون بالعشق؟ لعلهم يعنون طموح الإنسان إلى الكمال ونزوعه إلى المعالي وتشوقه إلى المعرفة وسموه إلى الفضائل، ونحو هذا مما لا يوزن بميزان العقل ولا يقاس بمقياسه. يعنون هذا الطموح إلى الكمال والإقدام على العظائم دون مبالاة بالصعاب والأهوال، وهذا التحرق إلى الإدراك فيما يتصل بمعايش الناس وما لا يتصل.

صفحه نامشخص