Sharh Thalathat al-Usul by Khalid al-Muslih
شرح ثلاثة الأصول لخالد المصلح
ژانرها
هجرة النبي ﷺ إلى المدينة واستقراره بها
قال ﵀: [فلما استقر بالمدينة أُمِرَ بِبَقِيَّةِ شَرَائِعِ الإِسْلامِ، مِثلِ الزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، والحج، والجهاد، والأذان، وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِعِ الإِسْلامِ.
أَخَذَ عَلَى هَذَا عَشْرَ سنين، وبعدها توفي صَلواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَدِينُهُ بَاقٍ، وَهَذَا دِينُهُ، لا خَيْرَ إِلا دَلَّ الأُمَّةَ عَلَيْهِ وَلا شَرَّ إِلا حَذَّرَهَا مِنْهُ، وَالْخَيْرُ الَّذِي دل عَلَيْهِ التَّوْحِيدُ وَجَمِيعُ مَا يُحِبُّهُ اللهُ وَيَرْضَاهُ، والشر الذي حذر منه الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه] .
قوله ﵀: [فَلَمَّا اسْتَقَرَّ فِي الْمَدِينَةِ أُمِرَ بِبَقِيَّةِ شَرَائِعِ الإِسْلامِ، مِثلِ الزَّكَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالْحَجِّ، وَالأَذَانِ، وَالْجِهَادِ، وَالأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ من شرائع الإسلام] .
هذا واضح لمن عرف سيرة النبي ﷺ؛ فإن الأمر بهذه الأشياء كان بعد الهجرة إلى المدينة، ولكن ينبغي أن يفهم أن النبي ﷺ لم تنقطع دعوته إلى التوحيد إلى آخر حياته ﷺ؛ فإنه كان يدعو إلى التوحيد وهو في الرمق الأخير ﷺ، ومن ذلك أنه لعن اليهود والنصارى قبل وفاته بليالٍ، وقال (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، وكثيرٌ مما كان يأمر به ﷺ من أمور التوحيد حصل في المدينة، لاسيما في مكملات التوحيد، مع استمرار دعوته إلى التوحيد فيها، أعني إلى أصل التوحيد وإلى إخلاص العبادة لله ﷿، ولكن أتى الأمر بالشرائع في المدينة؛ لأن الذين سلموا له بالتوحيد احتاجوا إلى تكميله بالعمل الصالح، فدعاهم إلى ما أمره الله ﷿ أن يدعوهم إليه من شرائع الإسلام.
ثم قال: [وَتُوُفِّيَ صَلواتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَدِينُهُ باقٍ]، وهذا فيه الإشارة إلى أن بقاء الدين ليس مرتبطًا بحياته ﷺ، وفيه أنه ﷺ توفي، وهذا أمر مجمع عليه، ودل عليه الكتاب والسنة كما سيأتي بيانه بالأدلة التي ذكرها وبينها الشيخ ﵀، وهذا خلافًا لما يزعمه غلاة الصوفية الذين يقولون: إنه لم يمت ﷺ، وهذا كذب وافتراء، وتكذيب لما ثبت ثبوتًا قطعيًا في كتاب الله ﷿، وفي سنة النبي ﷺ، وأجمعت عليه الأمة، وبقاء الدين لا إشكال فيه، قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر:٩]، وحفظه بحفظ أهله؛ فإن الله ﷿ تعهد بحفظ هذا الدين، ولا يمكن حفظ الدين إلاّ بحفظ أهله، ولذلك قال النبي ﷺ (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة)، أو (حتى يأتي أمر الله) .
8 / 6