(فمدني) ثامن ونافع ... (بضريهم) ثالثهم والتاسع
يعني إذا ذكر المدني فالمراد به نافع وأبو جعفر الذي هو ثامن القراء على ما تقدم ترتيبه، وذلك لأنهما كانا بالمدينة الشريفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام: والمدني نسبة إلى المدينة؛ وكذلك إذا ذكر البصرى فالمراد به أبو عمرو الذي وهو ثالث القراء ترتيبا، ويعقوب الذي هو تاسعهم أيضا لأن كلا منهما كان من البصرة. والبصرة بفتح الباء: المدينة المشهورة التي مصرت زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وحكى كسر صادها؛ ومعناها في الأصل الحجارة البيض الرخوة وبها سميت البصرة، والنسبة إليها بكسر الباء على الفصيح وهو مما خرج عن القياس في باب النسب، وقيل للفرق بين النسب إلى الحجارة وإلى البلد.
وخلف في الكوف والرمز (كفى) ... وهم بغير عاصم لهم (شفا)
أي في الكوفة؛ والكوف والكوفات من أسماء الكوفة، يريد أن خلفا داخل في الكوفيين الذين هم عاصم وحمزة والكسائي كما تقدم من قوله ثلاثة من كوفة، فعاصم وإنما أدخله فيهم لأن مادة قراءته منهم ولا يخرج عن قراءتهم ولا عن قراءة أحدهم كما تقدم قوله والرمز كفا: أي ورمز الكوفيين وخلف فيهم كفا.
فيكون مدلول كفا لعاصم وحمزة والكسائي وخلف، واختار ذلك لهم لخفته وسهولة دلالته عليهم من حيث الاشتقاق الأكبر ولدلالته على الكفاية وهي مما يثنى به على القراءة كقوله: كفلها الثقل كفا، أو على القارئ كقوله: فرح ظهر كفا أو عليهما، نحو قوله: وقبلا كسر أو فتحا ضم حق كفا؛ قوله وهم الخ يعني رمز هؤلاء بغير أن يكون معهم عاصم شفا فيكون مدلول شفا لحمزة والكسائي وخلف، واختار لهم ذلك لأنه كثيرا ما يرد في الشاطبية لحمزة والكسائي فيكون معينا لحافظ أحد الكتابين كما ذكره في الرمز الحرفي ولحسن دلالته أيضا ولكثرة التصرف في معانيه، فإنه يأتي اسما بمعنى حرف الشيء وطرفه، كقوله تعالى «شفا جرف هار» وبمعنى البقية وبمعنى القليل كقولهم: ما بقى منهم إلا شفا، ويأتي نحو شفا الله، وقد استعمله الناظم بحسب ما يناسبه من المعاني تارة اسما وتارة فعلا وتارة قد يحتملهما.
وهم وحفص (صحب) ثم (صحبه) ... مع شعبة وخلف وشعبه
صفحه ۲۰