شرح توحيد الصدوق

القاضی سعید قمی d. 1107 AH
84

لفظة «على»، نهجية أي على النهج الذي أراد وقوله: «من الثقلين» بيان ل «ما» في قوله: «ما أراد ابتدائه» و«ما أراد إنشائه» كما أن الجن والإنس بيان له.

و«الابتداء» و«الإنشاء» متقاربان: وهو جعل الشيء أول مرة من دون أن يسبقه امر. ويمكن أن يكون الأول، إشارة إلى الوجود النفسي والعالم المتوسط المثالي بناء على أن يكون المراد بالإرادة هي المشية كما ورد في بعض الأخبار [1] . والمشية إنما هي تتحقق في المرتبة النفسية. والثاني، إلى الوجود الكوني إذ الإنشاء بمعنى الإظهار.

واعلم، ان هذا المعنى بالنسبة إلى الكل، موجود بعينه كما في الصحيفة السجادية: «كل نعمك ابتداء» [2] وتحقيق ذلك من علم الراسخين ولنشر إلى لمعة منه لمن كان أهله:

فاعلم، أن الأشياء سواء كانت في وجوداتها العقلية أو النفسية أو الكونية، فهي بالنظر إلى جاعلها القيوم لا يتقدم شيء منها على صاحبه، بل كلها بالنظر إليه سواسية وإلا اختلفت نسبته عز شأنه إليها وذلك ممتنع عليه جل مجده. وإنما التقدم والتأخر والسابقية والمسبوقية لها بالنظر إلى أنفسها بل العوالم الثلاثة [3] الشريفة بالنظر إليه جلت آلاؤه، ليس واحد منها بأقدم على الآخر بل كلها بالنظر إليه [4] في مرتبة سواء كما قال عز من قائل: الرحمن على العرش استوى [5] وفي

صفحه ۹۹