150

إلى سبعين ثم إلى سبعين ألف، على ما ورد في الأخبار. والحجاب الأول، هو [1] نبينا سيد المرسلين صلى الله عليه وآله، كما في الخبر: ومحمد الحجاب [2] . وفي آخر [3] : بقى بينه [4] وبين الله حجاب واحد. وفي معناه أخبار كثيرة متظافرة [5] . هذا هو معنى كون الخلق حجابا.

وأما وجه الاستدلال في العبارة الشريفة فهو ان للخلق هويات مختلفة، بها احتجب بعضها عن بعض وامتاز كل واحد عن الآخر، لم يمكن لأحد أن يتعدى هويته، أو ينقلب إلى غيره، أو يختلط ويشتبه إلى ما سواه، بل لكل واحد مقام معلوم والكل يجري على قضاء محتوم. ولا شك أن تعين الأمور العالية والصور المفارقة حتى المادة الأولى إنما هو بفاعلها لا غير؛ وأما الأمور المادية فبفاعلها وقابلها كما حققنا ذلك بالبراهين القاطعة. ومن ذلك ظهر أن الله حجب بعضها عن بعض. وأما ان ذلك كيف يدل على أن لا حجاب بينه وبينها، فلأنه إذا كان احتجاب الأشياء وامتياز بعضها عن بعض بفاعلها القيوم بأن يعين هو سبحانه لكل واحد [6] منها درجة معلومة ومرتبة محدودة، فلو كان له حجاب غير نفس شيئية الأشياء لم يمكن أن يكون تعينها به تعالى، لأن ما يحجب عن الشيء ويستر عنه بواسطة أو وسائط كيف يتعين به الشيء؟!

صفحه ۱۶۵