وقال الآخر:
فقالت له العينان سمعًا وطاعة ... وحدَّرتا كالدُّرِّ ما لم يثقَّب
وبيَّن عنترة أن هذا الحال المعبر عنه بالقول ليس كلاما بقوله:
لو كان يدري ما المحاورةُ اشتكى ... ولكان لو علم الكلامَ مُكلمي
وقد قسم سيبويه الكلام إلى: "مستقيم حسن نحو: أتيته أمس، وإلى مستقيم كذب نحو: حملت الجبل، وإلى مستقيم قبيح نحو: قد زيدًا رأيت، وإلى محال نحو: أتيتك غدًا، وإلى محال كذب نحو: سأحمل الجبل أمس".
وزاد الأخفش الخطأ فقال: ومنه الخطأ نحو: ضربني زيد، وأنت تريد: ضربت زيدًا.
والظاهر أن سيبويه لا يرى الخطأ كلامًا لخوه من القصد، ويؤيد رأيه قوله ﷺ: "كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان أمرًا بمعروف، أو نهيًا عن منكر، أو ذكرًا لله تعالى" فبين أن كل ما سوى هذه الثلاثة من كلام ابن آدم عليه، أي يؤاخذ به، وليس الخطأ أحد هذه الثلاثة، ولا يؤاخذ به لقوله تعالى (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به) فليس بكلام، ولذلك لم يعتد بقول الذي غلبه الفرح فقال مخطئًا: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، بل عذره الرسول ﷺ فقال (أخطأ من شدة الفرح) فإن أطلق على الخطأ كلام فعلى سبيل المجاز، وإطلاق سيبويه على نحو: حملت الجبل، كلاما أسهل من إطلاقه على الخطأ من وجهين: أحدهما كون أوله مستوفيا لقيود الكلام فلا يعتد بآخره بل يلغى، والثاني إمكان تأويله بالمبالغة في وصف
1 / 6