المضارع المنفي بلا لا يكون إلا مستقبلا لم يجز الأخذ به بعد وجود الأدلة القاطعة بخلاف ذلك كما قدمنا.
ص: ويَترجّحُ الحالُ مع التجريد، ويتعين عند الأكثر بمصاحبة الآن وما في معناه، وبلام الابتداء، ونفيه بليس وما وإن.
ش: لما كان للماضي في الوضع صيغة تخصه كفعَل، وللمستقبل صيغة تخصه كافْعَلْ ولم يكن للحال صيغة تخصه، بل اشترك مع المستقبل في المضارع، جعلت دلالته على الحال راجحة عند تجريده من القرائن، ليكون جابرًا لما فاته من الاختصاص بصيغة، وإذا كان التجرد من قرائن الحال وقرائن الاستقبال مرجحًا للحال، فوجدان قرينة من قرائنه تؤكد الترجيح، فيصير الحال بها متعينًا، كإعمال المضارع في الآن وما في معناه نحو: زيد يصلي الآن والساعة، وكذا اقترانه بلام الابتداء نحو: إني لأحبك، ونفيه بليس كقول الشاعر:
فلست وبيتِ الله أرضى بمثلها ... ولكنَّ مَنْ يمشي سَيَرْضَى بما رَكِبْ
ونفيه ما كقوله تعالى: (وما أدْرِي ما يُفْعَلُ بي ولا بكم) وبإنْ كقوله تعالى: (وإن أدري أقريبٌ أم بعيدٌ ما تُوعَدُون).
وبعض العلماء يجيز بقاء المقرون بالآن مستقبلا، لأن الآن قد تصحب فعل الأمر مع أن استقباله لازم كقوله تعالى (فالآن باشروهن) فعبر بالآن عن المدة التي رفع فيها الحرج عن المباشرين نساءهم في ليالي الصوم، وعن مدة بلوغ ذلك المخاطبين، وعن المدة التي تقع فيها المباشرة، لأن الآن ليس عبارة عن المدة المقارنة لنطق الناطق فحسب، بل الآن عبارة عن مدة ما حضر كونه، فلو أن الكائن لا يتم كونه إلا في شهر فصاعدا جاز أن يقال فيه: الآن هو كائن، ومنه
1 / 21