قول القائل: قاموا لا يكون زيدا، بمعنى: إلا زيدا. ومعلوم أن المستثني مُنْشِئٌ للاستثناء، والإنشاء لا بد من مقارنة معناه للفظه، و"لا يكون" هنا استثناء فمعناه مقارن للفظه، فلو كان النفي بلا مُخَلِّصا للاستقبال لم تستعمل العرب "لا يكون" في الاستثناء لمباينته الاستقبال.
ومثل هذا الإجماع إجماعهم على إيقاع المضارع المنفي بلا في مواضع تنافي الاستقبال نحو: أتظن ذلك كائنا أم لا تظنه؟ وأتحبه أم لا تحبه؟ ومالك لا تقبل وأراك لا تبالي، وما شأنك لا توافق؟ ومثل ذلك في القرآن كثير كقوله تعالى "وما لنا لا نؤمن بالله" و"لا أجد ما أحملكم عليه" و"والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا" و"ومالكم لا تؤمنون" و"مالكم لا ترجون" و"مالي لا أرى الهدهد" و"مالي لا أعبد".
وهو في غير القرآن أيضًا كثير، ومنه قول الشاعر:
يرى الحاضرُ الشاهدُ المطمئن ... من الأمرِ ما لا يرى الغائب
وقال آخر:
إذا حاجةٌ وَلّتْك لا تستطيعها ... فَخُذْ طَرفًا من غيرِها حين تَسْبِق
وقال آخر:
كأن لم يكنْ بَينٌ إذا كان بعده ... تَلاقٍ ولكنْ لا إخالُ تلاقيا
1 / 19