ونون الوقاية اللازمة علامة للفعل، وتلحق منه المتعدي ماضيا كان نحو: أكرمتني، أو مضارعا نحو: تكرمني، أو أمرا نحو: أكرمني. فإن كان اتصالها غير لازم لم يستدل به على الفعلية، لأنها تلحق على سبيل الجواز فعلا وغير فعل. ولا تلحق على سبيل اللزوم إلا فعلا، وسيأتي بيان ذلك في المضمرات.
والاتصال بضمير الرفع البارز علامة قاطعة لا يشارك الفعلَ فيها غيره، وهي وتاء التأنيث الساكنة مميزان لأسماء الأفعال من الأفعال، فأي كلمة دلت بنفسها على حدث ماض وقبلت تاء التأنيث الساكنة فهي فعل ماض كبعد وافترق وإن لم تقبله ولم تكن أفعل تعجب فهي اسم كهَيْهات وشَتّان.
وأي كلمة دلت على الأمر وقبلت الاتصال بضمير الرفع البارز فهي فعل كاسكت وأدْرِك، فإن لم تقبله فهي اسم كصه ودراك.
ص: وأقسامه: ماضٍ، وأمرٌ، ومضارع
ش: لما كَمَّل ما يُحْتاجُ إليه من علامة الفعل شرع في بيان أقسامه الأولية التي تترتب عليها معرفة ما هو منها مبني وما هو منها معرب، وما هو منها مبهم وما هو منها مختص بأحد الأزمنة. وجعل الماضي أولا في الذكر، والأمر ثانيا والمضارع ثالثا، كما فعل سيبويه ﵀ حين قال: "وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ ثم أحداث الأسماء وبنيت لما مضى، ولما يكون ولم يقع، وما هو كائن لم ينقطع" ثم مثل لما مضى بذهب، ولما يكون ولم يقع باذهب وتذهب ثم بين أن تذهب وشبهه يراد به الحال أيضا، وكأن سيبويه لحظ في هذا الترتيب أن المضارع لا يخلو من زيادة، وأن الماضي والأمر يخلوان منها كثيرا نحو: ضَرَب وشَرِب وقَرُب ودحرج، وخَفْ وبِعْ وقل ودحْرج، والتجرد من الزيادة متقدم على التلبس بها، فقدم ماله في التجرد نصيب على مالا نصيب له فيه، وتجرد الماضي أكثر من تجرد الأمر فقُدِّم عليه. وأيضا فإن كل واحد من الماضي والأمر إذا تجرد من القرائن وفى بما يقصد به على سبيل
1 / 15