263

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

شرح التلويح على التوضيح لمتن التنقيح في أصول الفقه

ژانرها

الثاني: أن الطلاق الذي يدل عليه طالق لغة صفة للمرأة، وهو ليس بمتعدد في ذاته بل يتعدد بتعدد ملزومه أعني التطليق الذي هو صفة الرجل، وهو هاهنا غير ثابت لغة بل اقتضاء فلا يصح نية الثلاث فيه فلا يصح فيما يبتنى تعدده عليه قال: وهذا الوجه مذكور في الهداية، وهو غير شامل لمثل طلقتك، وهذا ليس اعتراضا على الهداية بل على جعل هذا الكلام جوابا عن المعارضة المذكورة؛ لأن صاحب الهداية إنما ذكر هذا الكلام جوابا عن قول الشافعي رحمه الله تعالى إن ذكر الطالق ذكر للطلاق لغة كذكر العالم ذكر للعلم فقال ذكر الطالق ذكر الطلاق هو صفة للمرأة لا لطلاق هو تطليق هذه عبارته، ولا يخفى أنه لا يزيد على ما ذكر أولا من أن الطلاق الثابت من قبل الزوج ثابت بطريق الاقتضاء فلا تصح فيه نية الثلاث فيه، وهذا لا يدفع المعارضة المذكورة، وهو أن التطليق الذي هو صفة الرجل ليس بثابت اقتضاء بل عبارة؛ لأن مثل أنت طالق وطلقتك في الشرع إنشاء لإيقاع الطلاق فيكون الطلاق الذي هو صفة للزوج متأخرا عنه ثابتا به بطريق العبارة فتصح نية الثلاث فيه، ولا مدفع لذلك إلا منع كونه إنشاء، والقول بأنه إخبار يقتضي سابقية الطلاق الأول فلا يجيء هذا الإشكال إذ لم يقل: إن الطلاق الذي هو صفة المرأة لا يصح فيه نية الثلاث بل يجوز ذلك، والطلاق ملفوظ فيصح فيه نية الثلاث، وإن كان صفة للمرأة، وقوله كسائر أسماء الأجناس إذا كان كالملفوظ لكنه اسم جنس، وهو اسم فرد لا يدل على العدد بل يدل على الواحد الحقيقي أو الاعتباري كسائر أسماء الأجناس إذا كانت ملفوظة لا تدل على العدد بل على الواحد إما حقيقة أو اعتبارا على ما يأتي في فيه أن الأمر لا يدل على العموم، والتكرار أن الطلاق اسم فرد يتناول الواحد الحقيقي، ويمكن أن يراد به الواحد الاعتباري أن المجموع من حيث هو المجموع، والمجموع في الطلاق هو الثلاث.

وقوله فإن قيل ثبوت البينونة هذا إشكال على بطلان نية الثلاث في أنت طالق، وتقريره أنكم قلتم إن المصدر الذي يثبت من المتكلم إنشاء أمر شرعي لا لغوي فيكون ثابتا اقتضاء فلا يصح فيه نية الثلاث فكذلك ثبوت البينونة من المتكلم بقوله: أنت بائن أمر شرعي أيضا فينبغي أن لا يصح فيه نية الثلاث، وقوله قلنا نعم لكن البينونة جواب عن هذا الإشكال، ووجهه أنا سلمنا أن البينونة ثابتة بطريق الاقتضاء لكن البينونة من حيث هي البينونة مشتركة بين الخفيفة، وهي التي يمكن رفعها، والغليظة، وهي التي لا يمكن رفعها، وهي الثلاث أو هي جنس بالنسبة إليهما، ونية أحد المحتملين صحيحة في المقتضى، وكذلك نية أحد النوعين؛ لأنه لا بد أن يثبت أحدهما، ولا يمكن اجتماعهما فلا بد أن ينوي أحدهما لكن لا يصح فيه نية عدد معين فيه إذ لا عموم للمقتضى، ولا دلالة له على الأفراد أصلا؛ ولأن المقتضى ثابت ضرورة، ولا ضرورة في العدد المعين فيثبت ما ترتفع به الضرورة، وهو الأقل

...................................................................... ..........................

من قبل الزوج تصحيحا له فيصير بعينه الجواب الأول، وقد عرفت ما فيه، ثم قال: والوجه المذكور في الهداية منقوض بمثل أنت طالق طلاقا، وأنت الطلاق فإنه صفة المرأة، وقد صحت نية الثلاث اتفاقا، وأجاب بأنه لما تولى الثلاث تعين أنه أراد بالطلاق التطليق على التأويل المذكور في الكتاب، ولا يخفى بعده على أن تأويل أنت طالق بأنت ذات وقع عليك التطليق ليس بأبعد من ذلك فحينئذ يصح نية الثلاث لا يقال: صحة نية الثلاث موقوفة على كون الطلاق مرادا به التطليق، ولو توقف ذلك على نية الثلاث لزم الدور؛ لأنا نقول المتوقف على نية الثلاث هو علمنا بأنه أراد بالطلاق التطليق لا نفس إرادته لا يقال: الجواب الثاني ليس أن الطلاق الذي هو صفة المرأة لا يتعدد، ولا يصح نية الثلاث فيه أصلا بل إنه لا يتعدد ولا يصح ذلك فيه إلا بتبعية التطليق، وحينئذ لا يرد النقض لأنا نقول: التطليق لا يقبل التعدد له لذاته ثابت في أنت طالق طلاقا، وأنت الطلاق بطريق الاقتضاء كما في أنت طالق بعينه فلو كان صحة نية الثلاث في الطلاق مبنيا على صحته في التطليق لما صحت هاهنا، وهو النقض، وهو لا يندفع إلا بما ذكره المصنف رحمه الله تعالى.

قوله: "لأن المقتضى في اصطلاحهم" تعليل لقوله كيف يكون بمعنى لا يكون.

صفحه ۲۶۴