203

شرح طلعة الشمس على الألفية

شرح طلعة الشمس على الألفية

ژانرها

ومن تفريعهم على فاء التعليل ما قالوه فيمن قال لعبده: أد لي ألفا، فأنت حر، أنه يعتق حالا، وتقديره عندهم: أد إلي ألفا لأنك حر. ومن ذلك أيضا ما قالوه فيمن قال لحربي: انزل فأنت آمن، أنه آمن نزل أو لم ينزل، وتقديره عندهم: انزل لأنك آمن، وهي تفريعات مطابقة للحق وموافقة للصدق، وقواعد الأصحاب شاهدة لها بذلك، والله أعلم.

وقد تخرج الفاء عن حقيقتها التي هي للتعقيب، فتستعمل مجازا، بمعنى الواو في نحو: جاء زيد فعمرو قبله، أي: وجاء عمرو قبله، وبمعنى: ثم، كما في قوله تعالى: { ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما } (المؤمنون: 14)، لأن بين خلق هذه الأشياء مدة من الزمان.

ومن التفريع عليها، وهي بمعنى الواو قول القائل: لفلان علي درهم فدرهم، قال بعض الحنفية: يلزمه درهمان؛ لأن الفاء للترتيب، ولا يمكن رعايته بين العينين ، بل بين الفعلين، والدراهم في الذمة في حكم العين، فلا يتصور فيها الترتيب، فتجعل الفاء مجازا عن الواو لمشاركتها في نفس العطف. وقال الشافعي: "في هذه الصورة يلزمه درهم واحد؛ لأن الحقيقة قد تعذرت لا محالة، فيحمل على جملة مبتدأة محذوفة المبتدأ؛ لتأكيد مضمون الجملة الأولى، كأنه قال: فهو درهم"، والقول الأول من القولين هو الأصح؛ لأنه الظاهر من كلام المقر، ولأنه مجاز، وفي قول الشافعي إضمار، والمجاز أولى من الإضمار على حسب مامر في محله، والله أعلم. ومن التفريع على مجيئها بمعنى: ثم مجازا قول القائل لزوجته: إن دخلت دار زيد فدار عمرو بعد شهر أو يوم فأنت طالق، فإنها لا تطلق إذا دخلتها على التعقيب، وإنما تطلق إذا دخلت الدارين على الترتيب الذي حده لها؛ لأن الفاء في كلامه بمعنى: ثم، لقرينة قوله: بعد شهر أو نحو ذلك، والله أعلم.

ثم إنه أخذ في بيان حكم ثم، فقال:

وثم للمهلة والترتيب ... فالحنث لا يكون بالتعقيب

ولا بتقديم ولا قران ... واستعملت في غير ذي المعاني

صفحه ۲۲۶