153

شرح طلعة الشمس على الألفية

شرح طلعة الشمس على الألفية

ژانرها

حقيقتها، قلنا أنه أراد بالعين العلم، أو الحفظ على سبيل التجوز، وأما أن تكون القرينة مقالية، كما في قوله تعالى: { ليس كمثله شيء }، فإن هذه الآية قرينة صارفة للآيات التي ظاهرها التجسيم عن ظاهرها، وقد يكون التأويل قريبا فيكفي في صحته وجوب قبوله أدنى مرجح كما ذكرناه في تأويل العين بالعلم، أو الحفظ، لكونها طريقا إليهما، فإن هذا التأويل مجازي قريب لقوة العلاقة، وقد يكون بعيدا، وبعده بحسب غموض العلاقة التي سوغت التجوز به، وبحسب ضعف القرينة التي لأجلها صرف اللفظ عن ظاهره، فيحتاج إلى مرجح أقوى مما ترجح به التأويل القريب، وسيأتي مثال البعيد، وقد يكون التأويل خارجا عن التجوزات الدائرة في سن العرب فلا يقبل بل يرد على قائله، ويكذب بسبب ذلك، وذلك كما في تأويلات الباطنية -أخزاهم الله تعالى- ثعبان موسى صلوات الله عليه بحجته، ونبع الماء من بين الأصابع بكثرة العلم، وتأويلهم قوله تعالى: { حرمت عليكم أمهاتكم }، أن المراد بالأمهات العلماء، وتحريم مخالفتهم، وانتهاك حرمهم، ونحو ذلك من تقولاتهم كثير، ومثال التأويل البعيد قول الحنفية في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل" قالوا أراد صلى الله عليه وسلم بذلك الصبية، والأمة، وإنما صاروا إلى هذا التأويل محافظة على القياس؛ لأنها مالكة لبعضها عندهم فكان تزويجها كبيع سلعتها، وإنما حكمنا ببعد هذا التأويل لما فيه من إبطال ظاهر الحديث بلا دليل يقتضي إبطاله لظاهر الحديث، هو أن الظاهر من سياقه أنه أراد إبقاء عموم؛ أي حيث أكد عمومها بزيادة ما، ثم كرر لفظ البطلان ثلاثا، فالظاهر من ذلك التأكيد، ومن هذا التأكيد$ أنه صلى الله عليه وسلم أراد من الحديث عمومه وحمله على خلاف ذلك يكون من الألغاز التي ينزه الشارع من الخطاب بها على أنه يمكن أن يفرق بين بضع المرأة، وسلعتها، فتمنع من تزويج نفسها، ويجعل ذلك إلى

صفحه ۱۷۱