شرح سیر بزرگ
شرح السير الكبير
ناشر
الشركة الشرقية للإعلانات
ژانرها
بَابُ مَنْ قَاتَلَ فَأَصَابَ نَفْسَهُ وَذَكَرَ عَنْ مَكْحُولٍ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَنَاوَلَ رَجُلًا مِنْ الْعَدُوِّ لِيَضْرِبَهُ فَأَخْطَأَ فَأَصَابَ رِجْلَهُ فَنَزَفَ حَتَّى مَاتَ. فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ أَصْحَابُهُ ﵃: أَشَهِيدٌ هُوَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَأَنَا عَلَيْهِ شَهِيدٌ» . وَتَأْوِيلُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ شَهِيدٌ فِيمَا تَنَاوَلَ مِنْ الثَّوَابِ فِي الْآخِرَةِ. فَأَمَّا مَنْ اُبْتُلِيَ بِهَذَا فِي الدُّنْيَا يُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، لِأَنَّ الشَّهِيدَ الَّذِي لَا يُغَسَّلُ مَنْ يَصِيرُ مَقْتُولًا بِفِعْلٍ مُضَافٍ إلَى الْعَدُوِّ. وَهَذَا صَارَ مَقْتُولًا بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَلَكِنَّهُ مَعْذُورٌ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَصَدَ الْعَدُوَّ لَا نَفْسَهُ، فَيَكُونُ شَهِيدًا فِي حُكْمِ الْآخِرَةِ، وَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِالْمَيِّتِ فِي الدُّنْيَا.
وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ ﷺ: «الْمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَالنُّفَسَاءُ شَهِيدٌ، وَالْمَرْأَةُ الَّتِي تَمُوتُ بِجُمْعٍ لَمْ تُطْمَثْ شَهِيدٌ» . يَعْنِي فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ لَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، ثُمَّ اخْتَلَفَتْ مَشَايِخُنَا فِيمَنْ تَعَمَّدَ قَتْلَ نَفْسِهِ بِحَدِيدَةٍ أَنَّهُ هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ؟ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ. وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكِتَابِ فِي حَقِّ الَّذِي أَخْطَأَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ
1 / 102