شرح رياض الصالحين

Ahmad Hatiba d. Unknown
76

شرح رياض الصالحين

شرح رياض الصالحين

ژانرها

علوم حدیث
فضل صهيب وخباب وأمثالهما على الكبراء في قوله تعالى: ﴿وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ [الأنعام:٥٢] إلى قوله: ﴿فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [الأنعام:٥٢]. جاء أن الأقرع بن حابس التميمي وعيينة بن حصن الفزاري أتيا رسول الله ﷺ فوجداه مع صهيب وبلال وعمار وخباب في ناس من ضعفاء المؤمنين. وانظروا لجلسة النبي ﷺ مع هؤلاء الفقراء من المسلمين السابقين، والأقرع بن حابس سيد بني تميم، وعيينة بن حصن سيد بني فزارة قدموا على النبي ﷺ وكل واحد منهم يريد أن يجلس تحت قبة أو في مجلس تتكلم العرب بمثله. انظروا إلى الفرق بين ضعفاء المسلمين الأفاضل الذي كرمهم الله ﷿ وشرفهم بحسن صحبة النبي ﷺ، وبالسبق في دين الله ﷿ وهم يتعلمون منه ﷺ، فهذا صهيب الذي هاجر فقيرًا من مكة إلى المدينة، كان له مال كثير فأخذه المشركون فتركه لهم وهاجر للنبي ﷺ، فقال له: (ربح البيع أبا يحيى) فهذا يجلس مع النبي ﷺ. وبلال الذي كان عبدًا فأعتقه أبو بكر ﵁ وقد عذب عذابًا شديدًا ومع ذلك هو الآن مع النبي صلوات الله وسلامه عليه. وعمار الذي أوذي هو وأمه وأبوه رضي الله ﵎ عنهم، وقتلت أمه فكانت أول شهيدة في الإسلام. وخباب كان ممن عذب عذابًا شديدًا. هؤلاء كانوا جالسين مع النبي ﷺ ومع ناس من ضعفاء المؤمنين، فجاء هذان الرجلان وكل منهما سيد في قومه، فكأنه لم يعجبهما أن يجلسا بين هؤلاء، فلما رأوهم حول النبي ﷺ حقروهم، وقالوا له ﷺ: إنا نريد أن تجعل لنا منك مجلسًا تعرف لنا به العرب فضلنا. يعني: نريد أن نجلس معك جلسة بحيث يعرف الكل فضلنا، فنحن جئنا لنسلم، ونريد أن تشرفنا بمجلس منك، وينتشر خبر هذا المجلس بين الناس، وتكتب لنا كتابًا بهذا الذي تقوله؛ فإن وفود العرب تأتيك فنستحي أن ترانا العرب مع هذه الأعبد. انظروا إلى الاستكبار: (هؤلاء الأعبد) جمع عبد، وهم عبيد لله ﵎، فهم أفضل من هذين. لما توفي النبي ﷺ كان الأقرع بن حابس وأشباهه ممن ارتدوا ثم رجعوا إلى الإسلام بعد ذلك، فكان النبي ﷺ يتألف أمثال هؤلاء، لكن الصحابة الأفاضل هم الذين قاوموا أمثال هؤلاء ليثبتوا على الإسلام.

9 / 4