شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
ژانرها
ووجه الإستدلال بهذه الآية: أن الله -تعالى- أمر أولاد إبراهيم -عليه السلام- أمرا ظاهرا بالجهاد في الله -تعالى- حق الجهاد، ولا يكون ذلك كذلك إلا بتجييش الجيوش، وعقد المراكب ، وشن الغارات، وحمل من عصى الله -تعالى- على طاعته حتى يتمحض الجهاد فيه عز وجل، ويتعرى عن غرض آخر بجميع وجوه الإمكان، من شدة ولين، وإقامة الحدود، وحفظ البيضة ، وسد الثغور، وسياسة الجمهور، وقتل المحاربين، وسوق الهاربين، وأخذ أموال الله -تعالى- ممن وجبت عليه طوعا وكرها، وصرفها في مستحقها، إلى غير ذلك من سائر أنواع أعمال الإمامة، وإنما قلنا ذلك لأنه لا يعقل من إطلاق الجهاد في الله - تعالى - حق الجهاد إلا ما قدمنا، بدليل أنه لايجوز أن يقول القائل إن فلانا حارب أعداء الله -تعالى- فشن عليهم الغارات، وقاد إليهم المقانب([9])، ونصب لهم المكائد، وأدار في حربهم أنواع الحيل ، وهجر له النوم، وجمع العدة ، ورتب الأمر فيه على مقتضى حكم السياسة ولم يجاهدهم مع ذلك حق الجهاد؛ بل ينفي ما قدمنا، ويقول القائل: إنه جاهدهم حق الجهاد ، فثبت أن المجاهدة في الله -تعالى- حق جهاده الواجب فيه لا يكون إلا بما قدمنا ذكره وبمثل([10]) ذلك تعرف الحقائق في كل أمر.
صفحه ۱۰۹