شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
ژانرها
[بيان أن إرادة القبيح قبيحة]
أما الذي يدل على الأول وهو أن إرادة القبيح قبيحة؛ فلأنا نعلم أن الواحد منا لو أخبرنا عن نفسه أن جميع ما يجري من القبائح والمنكرات واقع بإرادته لذمه العقلاء، وعلى قدر شرفه وعظم شأنه يكون ذمهم له أكثر، والعقلاء لا يذمون على فعل إلا وهم يعلمون قبحه بالعقول، ودلالة العقول واجبة الإتباع لأنها أقوى الأدلة؛ بل هي أصلها.
وما ذموه إلا لمجرد إرادته القبيح وإن كان الفاعل غيره، فكيف الحال إذا أراد وفعل على ما يقول المخالف!؟، فإذا أراد سبحانه، وتعالى عن ذلك - على قول المخالف - القبائح كانت علة إستحقاق الذم فيه سبحانه، وإثمه على أبلغ الوجوه؛ لأنا قد قدمنا ما لا ينكره عاقل منصف أن القبيح يعظم لعظم فاعله وشرفه، وإرادة القبيح قبيحة وهي فعل، ولا أعظم من الله -سبحانه- ولا أشرف منه ولا أعلى، فثبت أن القبائح لا تجوز عليه إرادتها؛ لأن ذلك يؤدي إلى باطلين:
إما أن لا يذم مع وقوع القبيح من قبله -تعالى عنه- ومعلوم خلافه.
وإما أن يذم -تعالى عن ذلك- وذلك باطل؛ لأنه يجب حمده، ويستحيل ذمه، فلا مخلص من ذلك إلا القول بأنه تعالى لا يريد شيئا من القبائح.
وأما الأصل الثاني وهو أنه تعالى لا يفعل القبيح فقد تقدم بيانه فلا وجه لإعادته.
صفحه ۱۵۲