شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
شرح الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة
ژانرها
وقد نبه على الدلالة العقلية بقوله: (لو كان ثان): يريد؛ لو صحت التثنية ظهرا و(هما ضدان) المضادة اللغوية، يريد: متعاديان متنافران كل منهما يريد أن يكون الملك له.
قوله: (وظهر المنكر في البلدان): يريد بالمنكر الفساد؛ وهو إهلاك كل واحد منهما لما خلق صاحبه، وإفساده لما أصلح.
قوله: (ولم يسلم أول للتالي): يقول: لم يسلم واحد منهما [لصاحبه([52])]؛ لأن التسليم دلالة العجز.
ولا يجوز صرف التسليم إلى الحكمة؛ لأن ذلك مبني على الوقوع الذي يقتضي تقدير الجائز باستحالته.
ومعنى ذلك أنه لو كان ثانيا مفروضا -تعالى عن ذلك- وقدرنا أمرا ممكنا وهو أن أحدهما أراد تحريك جسم في حال وأراد الآخر تسكينه كانت الحال لا تخلو من ثلاثة وجوه:
إما أن يحصل مرادهما معا فيكون الجسم متحركا ساكنا دفعة واحدة، وذلك محال.
وإما أن لايحصل مراد أحدهما فيخلو الجسم من الحركة والسكون معا، وذلك محال.
وإما أن يحصل مراد أحدهما دون الآخر، وذلك أيضا محال لكونهما قادرين لذاتيهما لو كان ذلك تقديرا فلا يتحصل مقدوراهما؛ ولا يكون أحدهما أولى من صاحبه بصحة الفعل ولا تعذره، وقد أدى إلى هذه المحالات القول بالثاني فيجب أن يكون محالا.
وأما الدلالة السمعية: فقوله تعالى: {قل هو الله أحد(1)}[الصمد] ، وقوله: {وما من إله إلا إله واحد}[المائدة:73] ، وقوله تعالى: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}[الأنبياء:22] .
ولا وجه لإفراد الكلام في التثليث؛ لأنه فرع على التثنية،
فإذا بطلت بطل.
[الكلام في أن الله -تعالى- عدل حكيم ليس في أفعاله ظلم ولا عبث ولا سفه ولا شيء من القبيح]
[21]
وهو حكيم ذو الجلال عدل .... إذ كل جور حاجة وجهل
ومنه للكل العطاء الجزل .... وليس يثني نعمتيه العذل
يجزي على الحبة بالمثقال
هذا هو الكلام في أن الباريء -تعالى سبحانه- عدل حكيم، ليس في أفعاله ظلم، ولا عبث، ولا سفه، ولا شيء من القبيح.
وهذه المسألة أهم مسألة من مسائل الخلاف بين أهل الجبر والعدل، وهي من أركان الدين القوية.
صفحه ۱۴۱