وإلى أن يتحقق هذا الرجاء، إن شاء الله تعالى، وجدت أن من الميسور أن يعاد طبع هذا الكتاب في صورة جديدة تعين على الانتفاع به بتلافي ما أشرت إليه من عيوب في الطبعات السابقة، فقد استخرت الله تعالى ونظرت في هذا الكتاب طويلا، حتى استوعبت كثيرا منه، وتعرفت ما في طبعاته السابقة من أخطاء يمكن تداركها، وتبينت طريق الرضى في عرضه لمسائل هذا العلم وأسلوبه في نقد ما يعرض له من آراء العلماء، كما تبينت ما في بعض عباراته من الغموض الذي يحتاج إلى التوضيح والتفسير، فهو عندما يقصد المبالغة في الشرح والتوضيح، يسرف في التكرار وفرض الامثلة، ويستطرد إلى ما ليس من موضوع البحث، وحين يعود إلى ما كان فيه يكون قد طال الفصل وكثر الاستطراد، وقد كان من الاخطاء التي وقعت في تلك الطبعات أن انتقلت جمل وسطور من مكانها ولم ينبه عليها أحد، وبعد طول النظر وتفهم المقصود منها أمكن، بفضل الله، وضع كل شئ في مكانه فاستقام المعني، أو كاد، ثم بدأت في نسخ الكتاب، متخذا أساس ذلك: النسخة التي طبعت سنة 1275 ه وفي خلال ذلك أصلحت كل ما بدا واضحا من أخطاء الطبع، وشرحت بعض المفردات اللغوية، ووضحت المقصود من بعض عبارات الرضى، ثم أبرزت بحوثه وموضوعاته بعناوين، كما بينت بدء كلام كل من ابن الحاجب والرضى، ولم يكن من ذلك شئ فيما طبع من هذا الشرح، وأشرت، في إيجاز إلى ما يتصل بما فيه من الشواهد، وحددت مواضع الايات القرآنية التي وردت فيه، وترجمت بكلمات قصيرة لاعلام النحاة واللغويين والقراء الذين، ذكرهم الرضى، وقد أكثر من ذكر النحاة الذين نقل عنهم بأسمائهم فكاد يستوعب كل من سبقوا عهده من أئمة النحو وعلمائه، حتى لقد نقل عن بعض معاصريه كابن مالك، وصاحب المغنى " منصور بن فلاح اليمني " والاندلسي (1)، وخلصت من ذلك كله، إلى أن الكتاب سيتم طبعه، إن شاء الله، في أربعة أجزاء كبار، وهذا هو الجزء الاول منها، أرجو أن يتحقق به بعض النفع، إلى أن يتهيأ له من يوفقه الله لاخراجه وتحقيقه، كما أشرت، ولعلي بذلك أكون قد أسهمت في إحياء بعض ما خلفه أسلافنا رحمهم الله، من تراث فكري نافع، على قدر ما استع له جهدي وتناولته قدرتي، وحسبي ممن يطلع على هذا العمل فيرضى عنه: دعوة صالحة، وممن يرى فيه شيئا من القصور أو التقصير أن يلتمس العذر ويدعو بالمغفرة، فإن العصمة لله وحده، وفوق كل ذي علم عليم، * * * وقد ألحقت بكل جزء ما يتصل به من فهرس الموضوعات التي احتواها.
وأما بقية الفهارس فإنها ستلحق بالجزء الاخير من الكتاب، إن شاء الله تعالى.
صفحه ۱۳