والوجد لئلا تشمت بك العواذل والعداة، ولا يكتئب لك الأو داء.
(وَإِنَّ شِفَائِي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَةٌ ... فَهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ؟)
روى سيبويه هذا البيت (وإن شفاءا عبرة) واحتج فيه بأن النكرة يخبر عنها بالنكرة، ويروى (وإن شفائي عبرة لو سفحتها) أي صببتها، والعبرة: الدمعة، والعُبْر والعَبَر: سُخنة العين، ومهراقة: مصبوبة من (هرقت الماء، فأنا أهريقه) بمعنى أرقت، ووزن أرقت أفلت، وعين الكلمة محذوفة، كان أصلها أريقت على وزن أفعلت، وهو فعل معتل العين تقول في الثلاثي منه: راق الماء يريق، فالألف في راق منقلبة عن ياء، وأصله ريق على وزن فعل، فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فلما أعلوها في الثلاثي وجب إعلاها في الرباعي، فإذا قالوا: أرقت الماء فالأصل أريقت، ثم نقلوا حركة الياء إلى الراء وسكنت الياء، فقلبوها ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها الآن، فاجتمع ساكنان الألف والقاف، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين فصا أرقت، وقالوا في المستقبل: أريقه، والأصل أُأَريقه مثل أدحرجه، فنقلوا حركة الياء إلى الراء وسكنت الياء فصار أأريقه، ثم حذفوا احدى الهمزتين لاستثقالهم الجمع بينهما فصار أريقه، ومن العرب من يبدل من الهمزة الهاء فيقولون: هرقت الماء، وقالوا في المستقبل: أهريقه، ولم يحذفوا الهاء؛ لأنه لم يجتمع فيه مثلان كما اجتمع في أُأَريقه، واحتاجوا إلى حذف
أحدهما، وقالوا: أهرقت الماء فأنا أهريقه بسكون الهاء في الماضي والمستقبل جميعا، فالهاء في المسألة الأولى مفتوحة في الماضي والمستقبل لأنها فاء الكلمة، وفي هذه المسألة الأخيرة زائدة، وإنما زادوها ليكون جبرا لما دخل الكلمة من الحذف، كما زادوا السين في أسطاع يسطيع، بمعنى أطاع يطيع، ليكون جبرا لما دخل الكلمة من التغيير، لأن أصلها أطوع يطوع، والرسم: الأثر،
1 / 9