وموضع (توضح والمقراة) جر عطف على حومل، والمقراة في غير هذا الموضع: الغدير الذي يجتمع فيه الماء، من قولهم (قريت الماء في الحوض) إذا جمعته. ومعنى قوله (لم يعف رسمها) قال الأصمعي: أي لم يدرس لما نسجته من
الجنوب والشمال، فهو باق ونحن نحزن، ولو عفا لاسترحنا، وهذا كقول ابن أحمر.
أَلاَ لَيْتَ المَنَازِلَ قَدْ بَلِينَا ... فَلاَ يَرْمِينَ عَنْ شَزَنٍ حَزِينَا
أي فلا يرمين عن تحرف وتشدد. يقال (شزن فلان ثم رمى) أي تحرف في أحد شقيه، وذلك أشد لرميه. ويقال شَزَنٌ وشُزُنٌ بمعنى واحد. ومعنى البيت ليتها بليت حتى لا ترمى قلوبنا بالأحزان والأوجاع، وكان الأصمعي يذهب إلى أن الريحين إذا اختلفتا على الرسم لم تعفواه، ولو دامت عليه واحدة لعفته؛ لأن الريح الواحدة تسفي على الرسم فيدرس، وإذا اعتورته ريحان فسقت عليه إحداهما فغطته ثم هبت الأخرى كشفت عن الرسم ما سفت الأولى.
وقيل: معناه لم يعف رسمها للريح وحدها، وإنما عفا للمطر والريح وغير ذلك.
وقيل: معناه لم يعف رسمها من قلبي وهو في نفسه دارس، يقال: عفا الشيء يعفو عَفْوًا وعُفُوًا وعفاء؛ إذا درس، وعفاه غيره: درسه.
وقوله: (لما نسجتها) ما في معنى تأنيث، والتقدير للريح التي نسجت المواضع، الهاء تعود على الدخول وحومل وتوضح والمقراة، ونسجت: صلة ما، وما فيه من الضمير يعود على ما، ومثله:
أَلِفَ الصُّفُونَ فَلاَ يَزَالُ كَأَنَّهُ ... مِمَّا يَقُومُ عَلَى الثَّلاَثِ كَسيرًا
أي كأنه من الخيل التي تقوم على الثلاث، أو من الأجناس التي تقوم على الثلاث، ويروى (لما نسجته) والهاء تعود على الرسم. وقال بعض أهل اللغة: يجوز أن يكون
1 / 5