وفي بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم ايضا، وفي
بني أسيد بن عمرو بن تميم، وفي طوائف من بنى عمرو بن تميم. وكان معد يكرب، وهو غلفاء -
وإنما سمى غلفاء لأنه كان يغلف رأسه - في بني تغلب والنَّمر بن قاسط، وسعد بن زيد مناة،
وطوائف من بنى دارم بن حنظلة والصنائع وهم بنو رقية: قوم كانوا يكونون مع الملوك من شُذان
العرب - وشذان العرب: ما تفرق من العرب - وعبد الله على عبد القيس. وسلمة على قيس.
فلما هلك الحارث أو قُتل - وقد اختلف في ذلك - نفرق أمر ولده وتشتت، واختلفت كلمتهم، ومشت
الرجال بينهم، ووثب بنو أسد على حجر بن الحارث فقتلوه، وكان ابنه امرؤ القيس غائبا عنه، وإنما
كان في حشمه ومواليه. وذكر ابن الكلبي إنه قاتلهم بمن معه، فلما كثروه - أي غلبوه بالكثرة - قال
لهم: أما إذ كان هذا من أمركم فإني مرتحل عنكم ومخلِّيكم وشأنكم. فوادعوه على ذلك، ومال مع خالد
بن خدان أحد بني ثعلبة، فأدركه علباء بن الحارث أحد بني كاهل، فقال: يا خالد، اقتل صاحبك لا
يفلت فيعُرنا وإياك بشر! فجعل خالد يمتنع، ويمر علباء بقصدة رمح مكسورة فيها سنانها، فأخذها
وطعن بها خاصرة حجر وهو غافل فقتله، ففي ذلك يقول الأسدي:
وقِصدة عِلباءِ بن قيسِ بن كاهل ... منية حُجْر في جوار ابن خَدّانَا
فتفرق الناس، فأقبل امرؤ القيس في جموع من أهل اليمن، يريد بنى أسد، يقصد لعلباء ولا يعلم
الناس به، فلما كانت الليلة التي يصبحهم فيها بادر أن يخبروا، فسار ليلته فجعل القطا ينفر من
مواقعه فيمر على علباء وكان منكرا، فجعلت ابنته تقول: ما رأيت كالليلة ذات قطا! فيقول علباء: (لو
ترك القطا لنام!)،
1 / 5