فقوله: (هوت أمهم) دعاء عليهم في الظاهر، وهو دعاء لهم في الحقيقة.
وقوله: (إنك مرجلي) قال الأصمعي: دخل معها في الهودج فقالت: إنك تعقر بعيري فتدعني ذات
رجلة! والهودج، هو الخدر، ومن ثمة قيل: أسد خادر ومخدر، أي في أجمة مثل الخدر. يقال رجل
الرجل يرجل رجلا، وأرجله إرجالا.
وقال أبو عبيدة: إنما قال: (عقرت بعيري) ولم يقل ناقتي، لأنهم يحملون النساء على الذكور، لأنها
أقوى وأضبط.
والبعير يقع على المذكر والمؤنث. قال هشام: العرب تقول: اسقني لبن بعيرك، يريدون لبن ناقتك.
(تقولُ وقد مَالَ الغَبيطُ بنا معًا ... عَقَرْتَ بَعيرِي يا امْرأَ القيسِ فانْزلِ)
ما في تقول يعود على عنيزة في قول من زعم إنها امرأة، والواو واو حال، كأنه قال: تقول وهذه
حالها، كما تقول: ضربت زيدا وقد قام، أي وهذه حاله. وإنما جاز لمال أن تكون حالا لأن قد
صحبته، فصار بمعنى مائل، كما تقول: قد قام عبد الله وقاعد، فتنسق بقاعد على قد قام، لأنه بمنزلة
قولك قائم عبد الله وقاعد.
وقال الفراء: إذا قلت: قد اضطرب فلان، فهو مثل قولك: مضطرب فلان وأنشد:
أمِّ صبِيٍّ قد حبا أو دارجِ
قال الله ﷿: (أو جاءوكم حَصِرِتْ صُدورُهم)، فمعناه قد حصرت،
1 / 37