أي ظهرها. ويقال: إنما سميت
مطية لأنها يمطى بها في السير، أي يمد بها. يقال: مطوت بالقوم أمطو بهم مطوا، أي مددت بهم.
قال امرؤ القيس:
مَطَوتُ بهم حتى تكلَّ غُزاتُهمْ ... وحتى الجيادُ ما يُقَدْنَ بارسانِ
فمعناه مددت بهم. ووزن مطية من الفعل فعيلة، اصلها مطيوة، فلما اجتمعت الياء والواو والسابق
ساكن جعلتا ياء مشددة. ويقال في جمع المطية مطيات ومطي ومطايا. قال جرير:
ألستم خيرَ من ركِب المطايا ... وأنْدى العالَمين بطونَ راحِ
وقوله: (يقولون لا تهلك أسى وتجمل) معناه يقولون لا تهلك حزنا. يقال قد أسيت على الشيء أسى
شديدا، إذا حزنت عليه. ويقال رجل أسيان من الحزن، وامرأة أسيا. ونصب (أسى) على المصدر،
لأن قوله لا تهلك في معنى لا تأس، فكأنه قال: لا تأس أسى. هذا قول الكوفيين. وقال البصريون:
نصب أسى لأنه مصدر وضع في موضع الحال، والتقدير عندهم: لا تهلك آسيا، أي حزينا. وموضع
(تهلك) جزم بلا على النفي. وموضع (تجمل) جزم على الأمر، والياء صلة لكسرة اللام، كما قال
زهير:
أمن أم أوفَى دِمنةٌ لم تَكلَّمِ ... بحَومانة الدَّرّاج فالمتثلِّمِ
فوصل الكسرة بالياء. والمعنى: لا تظهر الجزع ولكن تجمل وتصبر، وأظهر للناس خلاف ما في
قلبك من الحزن والوجد، لئلا يشمت العواذل والعداة بك، ولا يكتئب لك الأوداء.
(وإِنَّ شِفائي عَبْرةٌ مُهَراقةٌ ... فَهَلْ عِندَ رسمٍ دارسٍ من مُعَوَّلِ)
ويروى: (وإن شفائي عبرة أن سفحتها). ومعنى سفحتها صببتها، قال الله ﷿: (أو دَمًا
مَسفوحًا)، يريد مصبوبا. وقال الشاعر:
1 / 25