ويعلم الله -سبحانه وتعالى- أنني لا أقصد القدح بهذا الرجل، بل هو من خير من عرفت من طلاب العلم في هذا الشأن هو وأمثاله ممن يقول بهذا الكلام، إنما أريد أن أوضح الحقيقة، وقد طلب مني ردود مستقلة على كتبه فرفضت؛ لأنه ليس من منهجي أن أتصدى وأقصد الرد على شخص بعينه، لا سيما من أعرف منه حسن المقصد، لكن كون الكلام يأتي عرضا، هم تكلموا في النخبة كلاما طويلا، حتى قال بعضهم: "هي زبالة كتب المصطلح" فاحتجنا إلى أن نقول مثل هذا الكلام، نعم احتجنا إلى أن نقول مثل هذا الكلام عرضا لا نذكره استقلالا؛ لأنه ليس من المنهج المستقيم عند أهل العلم أن يتصدى للكتب النافعة التي عظم نفعها فتبرز مساويها، لا، من الذي يسلم من الأخطاء؟ لا أحد يسلم من الأخطاء، يعني لو أظهرنا أخطاء ابن حجر في فتح الباري في مجلد، أنا عندي استعداد أبرزه في مجلد كبير، سواء كان في العقائد أو في أحكامه على الأحاديث، أو في أحكامه في الاستنباط وغيرها، لكن إذا رأى الطالب المبتدئ هذا المجلد وقال: هذا مجلد كبير في أخطاء هذا الكتاب، قال: ليش أقرأ كتاب كل هذه الأخطاء فيه؟ فنزهد طالب العلم بهذا الكتاب مع أنه عظم نفعه، لو أردنا أن نجرد أخطاء النووي في شرح مسلم كذلك، أخطاء القرطبي في تفسيره كذلك، لكن لا مانع أن يعلق على هذه الكتب على فخامتها بتنبيهات يسيرة يعني كما فعل الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه-، لا مانع أن نعلق على النووي، لا مانع أن علق على القرطبي وهكذا، يبين الحق لا بد من بيان الحق، لكن إبراز المساوئ بهذه الطريقة بحيث نزهد طلاب العلم بهذه الكتب هذا ليس بمنهج، نعم إذا عظم الضرر بالكتاب، وصار ضرره أعظم من نفعه لا مانع أن يصرف عنه طلاب العلم، لا مانع أن تبرز أخطاء الزمخشري في الكشاف، لا مانع أن تبرز أخطاء الرازي في تفسيره؛ لأن الضرر من هذين الكتابين على طلاب العلم أكبر من نفعهما، فكون طالب العلم يزهد في تفسير الكشاف أو تفسير الرازي لن يخسر شيء، لكن كونه يزهد في فتح الباري هذه مشكلة.
صفحه ۲۶