شرح النیل و شفاء العلیل
شرح النيل للقطب اطفيش - موافق للمطبوع
ژانرها
ويجوز أن تكون الاستعارة مكنية شبه الألفاظ بالإنسان في نفسه، ورمز إليه بذكر لازم الإنسان وهو الذراع والباع، وأصل الذراع من طرف الإصبع الوسطى إلى المرفق، هذا هو الحق وشهر من السبابة وهو مؤنث، وقد يذكر وكلام المصنف محتمل لهما لأنه ولو كان عنده مؤنثا يجوز أن لا يقرن فعله بالتاء لأنه ظاهر مجازي التأنيث ولأنه بمعنى اللفظ، (أوضح) خبر إن (من عبارة السلف): أي الماضين، وأصله من تقدم من آبائك أو أقاربك (وإن طال باعها) وكان يعوقني عنه قصور نظري وجمود قريحتي وعدم أهليتي لذلك
------------------------------------------------
الكلام هنا كالكلام قبله، وهكذا قس ما يأتي، ويجوز أن يريد بالعبارة التلفظ، وأصل الباع قدر مد الذراعين إلى جهتيهما، والمراد هنا اللفظ، ولا يخفى ما في التعبير بالذراع في عبارة الخلف، وبالباع في عبارة السلف من المناسبة والمبالغة، والباع أربعة أذرع نصفهما أرنبة الأنف.
(وكان يعوقني) يمنعني، واسم كان ضمير الشأن، أو ضمير الكتاب، أو ضمير الجمع المؤول من أجمع (عنه): أي عن الكتاب، أو جمعه، (قصور) فاعل يعوق أو
اسم كان وفي يعوق ضميره، لكن يلزم عليه تقديم الخبر الفعلي على مبتدئه حيث اللبس، فيقال إنه لا لبس هنا لوجود لفظ كان، (نظري) أي فكري وتأملي، قال ابن السبكي: النظر الفكر المؤدي إلى علم أو ظن، فانظر كتابي الذي ألفته في السفر بعضه في السفينة وبعضه في مكة الذي سميته إيضاح المنطق في بلاد المشرق "، (وجمود قريحتي) أي طبيعتي لأنها تقترح الشيء أي تبتدعه، وجمودها عدم سلوكها ودخولها في المسائل الصعبة، استعار الجمود لعدم انبساط القريحة المعبر عنه بضعف القريحة، ووجه الشبه قلة الانتفاع إلا بعد تكلف، أو شبه القريحة بماء في نفسه ورمز إليه بلازمه وهو إثبات الجمود، وهو تخييل باق على حقيقته استلحقته الاستعارة، أو مستعار لضعف الفطنة، والقريحة في الأصل الماء الأول في البئر، استعير لأول ما يستنبط من العلم أو لما يستنبط منه مطلقا، ووجه الشبه أن كلا سبب للحياة، الماء سبب لحياة الجسم، والعلم سبب لحياة الروح، أعني أنه معتبر نافع، ثم أطلق على العقل لأنه محل العلم لعلاقة الحالية والمحلية أو إحداهما، أو لأن العقل بعض ضروري العلم لعلاقة الكلية والبعضية أو إحداهما، أو ذلك استعارة ثم صار إطلاق القريحة على العلم حقيقة عرفية، (وعدم) بضم فسكون، وبضمتين وبفتحتين، (أهليتي): أي كوني أهلا، (لذلك) المذكور من جمع المختصر الجامع المبين لما به يفتى وخمود فطنتي، فلا أنظم في سلك سلاك تلك المسالك ولقلة.
صفحه ۱۴