وصلت آلافا، لكفاية مقيد واحد لرفعها على ما هو طريق الحق والصواب من حمل المطلق على المقيد، وعدم التماس الترجيح بينهما كالمتباينين.
فمما يدل على انفعال القليل قول الصادق (عليه السلام) في صحيح محمد بن مسلم:
" قال: قلت: الغدير فيه ماء مجتمع، تبول فيه الدواب، وتلغ فيه الكلاب، ويغتسل فيه الجنب؟ قال: إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء " (1)، كصحيح معاوية بن عمار (2) الذي هو مثله، فإنهما دلا على أن العصمة في الراكد - الذي هو مورد السؤال - منوطة ببلوغه كرا، فما لم يبلغه لا قابلية له للاعتصام عما يقع فيه مما يقتضي الانفعال وهو ملاقاة القابل للتأثير، فمفهومهما حينئذ انفعال القليل من الراكد، أو مطلقا بناء على أن خصوصية المورد لا تخصص عموم الجواب بكل ما لاقاه مما من شأنه تنجيس ملاقيه، لا لأن مفهوم السالبة الكلية موجبة كلية - ولو في خصوص المقام، باعتبار نفس القضية - لأن الحق في مفهومه - على ما يساعده العرف - هو الايجاب الجزئي، بل لأنه أيضا يكفينا في المقام ردا على العماني، إلا أن لي مقصدا في إثبات العموم أنا مهتم به، لما رأيته من سيد الرياض في سالف الزمان أنه رد بعض فروع المسألة أو استشكل فيه، لنفيه وجود عموم يدل على كلية الانفعال، ليكون المخرج منه أو المخالف له، مما يتوهم فرديته له محتاجا إلى المخرج، بل جعل عدم انفعاله على وفق القاعدة، لنفيه دلالة مثل هذا الصحيح على العموم، وقصره الدليل على الانفعال في الخصوصات التي حسب اختصاصها بموردها من المياه والنجاسات وكيفية الملاقاة.
فمقصودي أن أتمم العموم من الجهات الثلاث لرفع تلك الغائلة، فأقول: إن الخبر الشريف دال بمفهومه القوي على العموم من جهتي النجاسة والكيفية، بل من الجهات الثلاث، بناء على إلقاء الخصوصية لا لما ذكر، بل لما أشرت إليه من دلالة الخبر على وجود المقتضي للتنجيس، وأن الكرية مانعة عن الاقتضاء في خصوص
صفحه ۲۲