شرح نهج البلاغة
شرح نهج البلاغة
پژوهشگر
محمد عبد الكريم النمري
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۴۱۸ ه.ق
محل انتشار
بيروت
ثم ذكر عليه السلام أن الحق رجع الآن إلى أهله ، وهذا يقتضي أن يكون فيما قبل في غير أهله ، ونحن نتأول ذلك على غير ما تذكره الإمامية ، ونقول : إنه عليه السلام كان أولى بالأمر وأحق ، لا على وجه النص ، بل على وجه الأفضلية ، فإنه أفضل البشر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحق بالخلافة من جميع المسلمين ، لكنه ترك حقه لما علمه من المصلحة ، وما تفرس فيه هو والمسلمون من اضطراب الإسلام ، وانتشار الكلمة ، لحسد العرب له ، وضغنهم عليه . وجائز لمن كان أولى بشيء فتركه ثم استرجعه أن يقول : قد رجع الأمر إلى أهله .
وأما قوله : انتقل إلى منتقله ، ففيه مضاف محذوف ، تقديره : إلى موضع منتقله ، والمنتقل بفتح القاف : مصدر بمعنى الانتقال ، كقولك : لي في هذا الأمر مضطرب ، أي اضطراب ، قال :
قد كان لي مضطرب واسع . . . في الأرض ذات الطول والعرض
وتقول ما معتقدك ؟ أي ما اعتقادك . قد رجع الأمر إلى نصابه . وإلى الموضع الذي هو على الحقيقة الموضع الذي يجب أن يكون انتقاله إليه .
فإن قيل : ما معنى قوله عليه السلام : لا يقاس بآل محمد من هذه الأمة أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا ؟ قيل : لا شبهة أن المنعم أعلى وأشرف من المنعم عليه ، ولا ريب أن محمدا صلى الله عليه وسلم وأهله الأدنين من بني هاشم - لا سيما عليا عليه السلام - أنعموا على الخلق كافة بنعمة لا يقدر قدرها ، وهي الدعاء إلى الإسلام والهداية إليه ، فمحمد صلى الله عليه وسلم وإن كان هدى الخلق بالدعوة التي قام بها بلسانه ويده ، ونصرة الله تعالى له بملائكته وتأييده ، وهو السيد المتبوع ، والمصطفى المنتجب الواجب الطاعة ، إلا أن لعلي عليه السلام من الهداية أيضا - وإن كان ثانيا لأول ، ومصليا على إثر سابق - ما لا يجحد ، ولو لم يكن إلا جهاده بالسيف أولا وثانيا ، وما كان بين الجهادين من نشر العلوم وتفسير القرآن وإرشاد العرب إلى ما لم تكن له فاهمة ولا متصورة ، لكفى في وجوب حقه ، وسبوغ نعمته عليه السلام .
صفحه ۹۰