شرح نهج البلاغة
شرح نهج البلاغة
پژوهشگر
محمد عبد الكريم النمري
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
۱۴۱۸ ه.ق
محل انتشار
بيروت
وقد جعلهم عليه السلام في هذا الفصل أربعة أقسام : القسم الأول : أرباب العبادة ؛ فمنهم من هو ساجد أبدا لم يقم من سجوده ليركع ، ومنهم من هو راكع أبدا لم ينتصب قط ، ومنهم الصافون في الصلاة بين يدي خالقهم لا يتزايلون ، ومنهم المسبحون الذين لا يملون التسبيح والتحميد له سبحانه .
والقسم الثاني : السفراء بينه تعالى وبين المكلفين من البشر بتحمل الوحي الإلهي إلى الرسل ، والمختلفون بقضائه وأمره إلى أهل الأرض .
والقسم الثالث ضربان : أحدهما حفظة العباد كالكرام الكاتبين ، وكالملائكة الذين يحفظون البشر من المهالك والورطات ؛ ولولا ذلك لكان العطب أكثر من السلامة . وثانيهما سدنة الجنان .
القسم الرابع : حملة العرش ، ويجب أن يكون الضمير في دونه ، - وهو الهاء - راجعا إلى العرش لا إلى البارئ سبحانه . وكذلك الهاء في قوله : تحته . ويجب أن تكون الإشارة بقوله : وبين من دونهم ، إلى الملائكة الذين دون هؤلاء في الرتبة .
فأما ألفاظ الفصل فكلها غنية عن التفسير إلا يسيرا ، كالسدنة جمع سادن وهو الخادم ، والمارق : الخارج . وتلفعت بالثوب ، أي التحفت به . وأما القطب الراوندي فجعل الأمناء على الوحي وحفظة العباد وسدنة الجنان قسما واحدا ، فأعاد الأقسام الأربعة إلى ثلاثة . وليس بجيد ، لأنه قال : ومنهم الحفظة ، فلفظة ومنهم ، تقتضي كون الأقسام أربعة ؛ لأنه بها فصل بين الأقسام .
وقال أيضا : معنى قوله عليه السلام : لا يغشاهم نوم العيون ، يقتضي أن لهم نوما قليلا لا يغفلهم عن ذكر الله سبحانه ، فأما البارئ سبحانه فإنه لا تأخذه سنة ولا نوم أصلا ، مع أنه حي ، وهذه هي المدحة العظمى .
ولقائل أن يقول : لو ناموا قليلا لكانوا زمان ذلك النوم - وإن قل - غافلين عن ذكر الله سبحانه ؛ لأن الجمع بين النوم وبين الذكر مستحيل .
صفحه ۶۲