شرح نهج البلاغة
شرح نهج البلاغة
ویرایشگر
محمد عبد الكريم النمري
ناشر
دار الكتب العلمية
ویراست
الأولى
سال انتشار
۱۴۱۸ ه.ق
محل انتشار
بيروت
وحمل وحمل الناس حملة واحدة ، فلم يبق لأهل الشام صف إلا أزالوه ، حتى أفضوا إلى معاوية ، فدعا معاوية بفرسه ليفر عليه ، وكان معاوية بعد ذلك يحدث فيقول : لما وضعت رجلي في الركاب ، ذكرت قول عمرو بن الإطنابة :
أبت علي عفتي وأبى بلائي . . . وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإقدامي على المكروه نفسي . . . وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت : . . . مكانك تحمدي أو تستريحي
فأخرجت رجلي من الركاب وأقمت ، ونظرت إلى عمرو فقلت له : اليوم صبر وغدا فخر ، فقال : صدقت .
قال إبراهيم بن ديزيل : وروى عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الرحمن بن حاطب ، عن معاوية ، قال : أخذت بمعرفة فرسي ووضعت رجلي في الركاب للهرب ، حتى ذكرت شعر ابن الإطنابة ، فعدت إلى مقعدي ، فأصبت خير الدنيا ، وإني لراج أن أصيب خير الآخرة .
قال إبراهيم بن ديزيل : فكان ذلك يوم الهرير ، ثم رفعت المصاحف بعده .
وروى إبراهيم ، عن ابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ربيعة بن لقيط ، قال : شهدنا صفين ، فمطرت السماء علينا دما عبيطا .
وقال : وفي حديث الليث بن سعد أن كانوا ليأخذونه بالصحاف والآنية . وفي حديث ابن لهيعة : حتى إن الصحاف والآنية لتمتلئ ونهريقها .
قال إبراهيم : وروى عبد الرحمن بن زياد ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عمن حدثه ممن حضر صفين أنهم مطروا دما عبيطا . فتلقاه الناس بالقصاع والآنية ، وذلك في يوم الهرير ، وفزع أهل الشام وهموا أن يتفرقوا ، فقام عمرو بن العاص فيهم فقال : أيها الناس ، إنما هذه آية من آيات الله ، فأصلح امرؤ ما بينه وبين الله ، ثم لا عليه أن ينتطح هذان الجبلان ، فأخذوا في القتال .
قال إبراهيم : وروى أبو عبد الله المكي ، قال : حدثنا سفيان بن عاصم بن كليب الحارثي عن أبيه ، قال : أخبرني ابن عباس قال : لقد حدثني معاوية أنه كان يومئذ قد قرب إليه فرسا له أنثى ، بعيدة البطن من الأرض ، ليهرب عليها ؛ حتى أتاه آت من أهل العراق ، فقال له : إني تركت أصحاب علي في مثل ليلة الصدر من منى ، فأقمت ، قال : فقلنا له : فأخبرنا من هو ذلك الرجل ؟ فأبى وقال : لا أخبركم من هو .
صفحه ۱۳۲