239

شرح نهج البلاغة

شرح نهج البلاغة

ویرایشگر

محمد عبد الكريم النمري

ناشر

دار الكتب العلمية

ویراست

الأولى

سال انتشار

۱۴۱۸ ه.ق

محل انتشار

بيروت

قال إبراهيم : كان اسم عامل علي عليه السلام على مسلحة الأنبار أشرس بن حسان البكري . ورى إبراهيم عن عبد الله بن قيس ، عن حبيب بن عفيف ، قال : كنت مع أشرس بن حسان البكري بالأنبار على مسلحتها ، إذ صبحنا سفيان بن عوف في كتائب تلمع الأبصار منها ، فهالونا والله ، وعلمنا إذ رأيناهم أنه ليس لنا طاقة بهم ولا يد ، فخرج إليهم صاحبنا وقد تفرقنا فلم يلقهم نصفنا ، وايم الله لقد قاتلناهم فأحسنا قتالهم ، حتى كرهونا ، ثم نزل صاحبنا ، وهو يتلو قوله تعالى : ' فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ' . ثم قال لنا : من كان لا يريد لقاء الله ، ولا يطيب نفسا بالموت ، فليخرج عن القرية ما دمنا نقاتلهم ، فإن قتالنا إياهم شاغل لهم عن طلب هارب ، ومن أراد ما عند الله فما عند الله خير للأبرار . ثم نزل في ثلاثين رجلا ، فهممت بالنزول معه ، ثم أبت نفسي ، واستقدم هو وأصحابه ، فقاتلوا حتى قتلوا رحمهم الله ، وانصرفنا نحن منهزمين .

قال إبراهيم : وقدم علج من أهل الأنبار على علي عليه السلام ، فأخبره الخبر ، فصعد المنبر فخطب الناس ، وقال : إن أخاكم البكري قد أصيب بالأنبار ، وهو معتز لا يخاف ما كان ، واختار ما عند الله على الدنيا ، فانتدبوا إليهم حتى تلاقوهم ، فإن أصبتم منهم طرفا أنكلتموهم عن العراق أبدا ما بقوا .

ثم سكت عنهم رجاء أن يجيبوه أو يتكلم منهم متكلم ، فلم ينبس أحد منهم بكلمة ، فلما رأى صمتهم نزل ، وخرج يمشي راجلا حتى أتى النخيلة ، والناس يمشون خلفه حتى أحاط به قوم من أشرافهم ، فقالوا : ارجع يا أمير المؤمنين ونحن نكفيك ، فقال : ما تكفونني ولا تكفون أنفسكم ! فلم يزالوا به حتى صرفوه إلى منزله ، فرجع وهو واجم كئيب ، ودعا سعيد بن قيس الهمداني ، فبعثه من النخيلة في ثمانية آلاف ، وذلك أنه أخبر أن القوم جاؤوا في جمع كثيف .

فخرج سعيد بن قيس على شاطئ الفرات في طلب سفيان بن عوف ، حتى إذا بلغ عانات ، سرح أمامه هانئ بن الخطاب الهمداني ، فاتبع آثارهم حتى دخل أداني أرض قنسرين وقد فاتوه ، فانصرف .

قال : ولبث علي عليه السلام ، ترى فيه الكآبة والحزن ، حتى قدم عليه سعيد بن قيس ، وكان تلك الأيام عليلا ، فلم يقو على القيام في الناس بما يريده من القول ، فجلس بباب السدة التي تصل إلى المسجد ، ومعه ابناه حسن وحسين عليهما السلام ، وعبد الله بن جعفر ، ودعا سعدا مولاه ، فدفع إليه الكتاب ، وأمره أن يقرأه على الناس ، فقام سعد بحيث يستمع علي عليه السلام صوته ، ويسمع ما يرد الناس عليه ، ثم قرأ هذه الخطبة التي نحن في شرحها .

صفحه ۵۳